- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
ويقول يعقوب الشاروني كاتب الأطفال: "رغم أن أدب الخيال العلمي يتحدث عن منجزات علمية لم يتوصل إليها الإنسان بعد، فإنها كثيرًا ما توحي إلى العلماء بأفكار تتعلق بمختلف ميادين العلم، كالطب والكهرباء والجيولوجيا وغيرها، كما أن المؤلفات التي يصدرها هؤلاء الكتاب، تعطي جماهير القراء مفاهيم شتى لاحتمالات العلم المستقبلية، وللتطور المذهل الذي تسير فيه معظم العلوم، وهو يسهم في تكوين الفكر العلمي لدى القراء، وتعميق فهم الناس لدور العلم في حياتنا، ولكن ليس من السهل أن نتصور أن تكون هناك وسائل لتنمية الخيال العلمي لدى الأطفال".
• الفانتازيا ليست علما
أما محمود قاسم، الكاتب والناقد السينمائي ، والذي أصدر كتابين عن الخيال العلمي أحدهما عن الأدب والثاني عن السينما، يقول: "الخيال العلمي، هو نوع أدبي انتشر في زمن الثورة العلمية ووجد هوى لدى القارئ الغربي المهتم بالعلوم وهو نوع قصصي في المقام الأول يعتمد على التخيل، كانت السينما خير مجال له بعد بدايته عن طريق الروايات, والمسرح أحيانا، والمقصود به هو كيف سيكون العالم في عصر الإنجاز العلمي، ومنها الطيران، والأنفاق العملاقة، غزو الفضاء من سكان الأرض، وغزو الأرض من كائنات فضائية بالغة التقدم والحروب النووية، وهو في الغالب عمل تخيلي مستقبلي، تدور أحداثه في الفضاء الذي لم نسافر إليه ويسمى خيالا علميا كونيا، أما الخيال العلمي الذي تدور أحداثه في كوكبنا فهو خيال علمي أرضي، مثلا في الطب، والصيدلة، وفي أعماق البحار مثل بناء المدن في أعماق البحار، وقد ظهرت أنواع عديدة من الخيال العلمي منها (الخيال السياسي)، أما (الفانتازيا) أو الخيال الجامح فهي نوع أدبي مختلف تماما عن الخيال العلمي، وتعني كسر حاجزي المكان والزمان. كما أن هناك أدب التخويف، والفانتازيا العلمية وبكل منهم ملمس خفيف للغاية مع التخيل العلمي".
ويرى بعض الدارسين أن الخيال العلمي ليس نتيجة لزواج العلم بالأدب، بل هو علاج للقطيعة بينهما، كما يقول د، طارق عبدالباري أستاذ الأدب الألماني، والذي قدم أعمالا مهمة للطفل تنتمي للخيال العلمي، لذلك يرجع بدايات أدب الخيال العلمي إلى القرن التاسع عشر فهو قرن عصر الصناعة والاكتشافات العلمية، ويرى عبدالباري أن خصوبة خيال الأطفال تقرب هذا النوع الأدبي إلى نفوسهم.
ويرجع أهمية قراءة الخيال العلمي في أنها تسهم في تكوين الخيال المبني على الأفكار والنظريات العلمية التي تعد بمثابة السلم الذي يصعد عليه كل من يتطلع للمستقبل.
• إنجازات متخيلة
أما د. حسام عقل أستاذ النقد والأدب بجامعة عين شمس، فيرى أن غياب تعريف واضح ودقيق لمفهوم الخيال العلمي ترك محاولات التعريف معلقة مؤكدة على أن لهذه النوعية من الأدب أسلوبا خاصا لم يتطور كثيرا في البلدان العربية، لغياب هذه التقاليد، كما أن الفانتازيا لا يمكن أن تختلط مع الخيال العلمي رغم كون كليهما ينتميان إلى أدب الخيال، لأن لكل منهما خصائصه التي يتميز بها وعوالمه المحددة له.
وأكد على أن أدب الخيال العلمي هو أدب يعتمد على استعمال فرضيات ونظريات علمية من الممكن أن يتخيل الكاتب إمكانية إنجازها وتصور ما ستؤول إليه الحياة بعد تحققها، وبذلك فهو بصدد تخيل عالم جديد ومختلف.
ويضيف: إن أول من كتب أدب الخيال العلمي في العالم هو الكاتب الفرنسي فونتيل الذي عاش فى القرن الثامن عشر، ومن أهم رواياته العلمية "لقاءات في قمة العالم" والتي تخيل فيها وجود حياة فوق سطح القمر والكواكب الأخرى، ويرجع حسام عقل ضعف الإسهام العربي فى أدب الخيال العلمي إلى ضعف الإسهام العلمي العربي وليس ضعف الخيال، لذا فهو يرى في رواية صبري موسى "السيد من حقل السبانخ" رواية مستقبلية وليست رواية خيال علمي، ورغم محاولات رؤوف وصفي ونبيل فاروق وطيبة أحمد الإبراهيم، إلا أن أحدا منهم لم يتجاوز ما أبدعه الراحل نهاد شريف.
ويفرق الروائي وائل وجدي بين أدب الطفل والخرافة حيث يقول: "أدب الخيال العلمي له ركائز أهمها أنه يقوم على أمور علمية حقيقية يمكنها أن تفتح الباب أمام تصورات علمية أخرى، وهذا مختلف عن الخرافات والأساطير التي تتحدث عن أشباح أو كائنات غريبة"، وأشار وجدي إلى أهمية النهوض بأدب الخيال العلمي للطفل لدوره في تبسيط العلوم حتى لا يصاب الطفل بصدمة المستقبل.
• عالم أسرار الحياة
أما الكاتب والباحث رجب سعد السيد، فله إسهامات عدة في مجالي تبسيط العلوم والخيال العلمي، وانحيازه للخيال العلمي يراه الوسيلة المثلى للربط بين فرعي الثقافة: الأدبي والعلمي؛ فهو كفيل بأن يجعل منهما شريكين متعاونين، في التأثير على الواقع، وبالرغم من أن أغلب الإنتاج في مجال الخيال العلمي موجَّه أساســاً للكبار، فإن الأطفال، في الواقع، هم المستهلكون الحقيقيون لهذا الإنتـاج، وثمة من يرى أن كافة أشكال الخيال العلمي هي – في الحقيقة – أقرب إلى عالم الطفولة، حتى وهي تخاطب الراشدين، فهي تحيي فيهم طفولتهم.
ويضيف رجب السيد: الخيال العلمي هو الذي جعل كاتباً، مثل النرويجي جوستين جاردر لا يتردد في أن يكتب للأطفال ما يتخيله البعض (موضوعات ثقيلة)، فهو يمتلك القدرة على جعلها في مستوى إدراك الطفل، وقد أنتج جاردر عشرة كتب، بلغت جملة توزيعها 12 مليــــــون نسخة (!!)؛ ومن كتبــه: "مرحبـًا .. هـــل مـــن أحد هناك؟!"، يغامر فيه بالدخول إلى عالم أسرار الحياة، والتاريخ الطبيعي للأرض، ونظرية التطــور.
ولكاتب هذه السطور تجربة، في كتابه للأطفال "الأرنب يحصل على ترقية"، ويقدم فيه حكاية علمية عن اكتشاف حديث في مجال كيمياء البروتينات، جعل علماء التصنيف ينقلون الأرنب من موضعه في طائفة القوارض إلى عائلة اللبونيات.
ويؤكد رجب سعد السيد أن للخيال العلمي تأثيره السحري في قاعات الدرس، وقد لاحظ أحد أساتذة الفيزياء أن جفاف المادة العلمية لا يجعل تلاميذه يقبلون على الدرس، فأعدَّ سلسلة من الدروس، أسماها: (الفيزياء وأدب الخيال العلمي)، اعتمد فيها على استخلاص أسس ومبادئ الفيزياء القديمة والحديثة، من خلال مطالعة 50 رواية من روايات الخيال العلمي، وتقديمها للتلاميذ، ونجح الخيال العلمي في إزالة جفاف المادة التي ينفر منها التلاميذ، في كل مكان! (خدمة وكالة الصحافة العربية)
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر