- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
وللحوار آداب حريُّ بالمحاور أن يلم بها، فهي الطريق لكسب الآخرين والتأثير فيهم.. وقد أولى "القرآن" أدب الحوار أهمية بالغة، فهو الإطار الفني للدعوة، والسحر الحلال الذي يفتن عقول الناس ويأسر أفئدتهم وقد وردت مفردة الحوار في القرآن ثلاث مرات فقط بصيغة (يحاوره) كما جاء في سورة الكهف (الآيتان: 43، 73) قال تعالى: {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَاْ أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} وكذلك قوله تعالى: {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً}، أما بصيغة (تحاوركما) فجاء في سورة (المجادلة: 1) {قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللّهِ، وَاللّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَ}.
ويشير المؤلف إلى أن قضية الحوار أصبحت من القضايا والموضوعات المهمة لكل المشكلات العالقة أو الخافتة في عصرنا الراهن، سواءً على المستوى الداخلي في المجتمع الواحد، أو على المستوى الخارجي مع الحضارات والثقافات الأخرى• فالحوار يظل مطلباً لا غنى عنه للإنسانية جمعاء، إذا ما أرادت أن تعيش بمنأى عن الخلافات والتوجسات والصراعات، كما أن الحوار هو المنهج الصحيح للتفاهم والتعايش والتواصل بين الأمم والشعوب.
ويوضح المؤلف الدكتور علي حسون لعيبي معالجة قضية الحوار من خلال الوقوف على التحولات العالمية في النظام الدولي ثنائي القطبية، ثم في عالم ما بعد الحداثة، خصوصاً مع تأثيرات العولمة والعلاقات المتعددة الأطراف والقومية ليصل إلى ضرورة بناء سياسة ثقافية عالمية قادرة على الصمود أمام مرحلة ما بعد الحداثة، تكون نافذة لاستشراف مستقبل العالم، واعتمد في ذلك على دراسة حالات لحوار الحضارات من واقع النموذج الأميركي.
وقد تصدى الباحث لموضوعات ساخنة منها مشكلة الصحراء المغربية التي تعتبر مشكلة مفتعلة وقد حرص الإستعمار بعد خروجه على زرعها بالمنطقة كورقة ضغط على المغرب وبؤرة توتر يتحكم بخيوطها تنعكس سلبا على جميع دول المنطقة، فلا أمل لإتحاد مغاربي قوي يستطيع مواجهة غطرسة الغرب وأطماعه واستثمار خيرات دول المغرب العربي بطريقة تكاملية كانت ستكون أملا واعدا بتطوير شمال إفريقيا وجعلها كتلة إقتصادية وإجتمياعية وسياسية وعسكرية قوية، وهدا أمر قد حسِمه الغرب مسبقا للحيلولة دون ميلاد هدا الحلم، بالنهاية سيادة المغرب على الصحراء المغربية خط أحمر لا مساواة فيه قطعا.
كما غاص الباحث في موضوع الصراع العربي الإسرائيلي هو النزاع الدائر بين "إسرائيل" والدول العربية جميعها منذ قيام الكيان الإسرائيلي عام 1948، ويتمحور النزاع حول مدى الأحقيّة التي يمتلكها الكيان الصهيوني في استملاك الأراضي الفلسطينية، وقيام دولتهم القومية فوق أراضيها، وتهجير الشعب الفلسطيني وتجريدهم من حقهم تملّك أراضيهم الفلسطينية.
يُسمى أيضاً الصراع العربي الإسرائيلي بنزاع الشرق الأوسط، نظراً لتمركز النزاع في تلك المنطقة، ويعزى هذا النزاع إلى أسباب غامضة إلى حد ما، إلا أن القضية الفلسطينية سبباً رئيسياً في ذلك، أمّا فيما يتعلق بالتحليلات السياسية فإن هذا الصراع يُعتبر الأهم بين النزاعات العالمية، فتركّز عليه الجوانب السياسية والإعلامية ويعزى السبب في ذلك إلى تورّط دول متعددة في ذلك من بينها الدول العظمى، وتعتبر منطقة الشرق الأوسط منطقةً حسّاسة بالنسبة للعالم لذلك يحظى أيضاً بأهمية كبيرة، وصولا للفصل الرابع حيث العرض والتحليل.
حقا إن الكتاب هو خلاصة مهمة لجهد فكري وبحث رصين ودقيق وهذا هو ديدن الكاتب والشاعر الاديب الدكتور علي حسون لعيبي، كما عرفته منذ زمن بعيد فهو يتعامل دائما بصدق ووعي مسؤول مع القضايا التي يتناولها مما يجعل القارئ يشعر بمتعة القراءة سيما وانه في كتابه هذا الذي نحن بصدده ينعطف باتجاه بحثي طارحا موضوعات فيها من التعقيدات الشيء الكثير والذي يعتبر مؤشرا قويا لأسلوب متميز في الطرح في موضوع حساس تتعامل به دول وأحزاب وأشخاص، وقد وصل الى مبتغاه ليدلو بدلوه في بئر عميقة هو "الحوار والتفاوض بدل القوة في العلاقات الدولية" بأسلوبه الشيق ومفرداته الرائعة وأفكاره النيرة.
لقد ابدع الباحث في كتابه هذا والذي يعد من أمهات الكتب التي تناولت موضوع الحوار، وفقا لأطر نظرية وتحليلات مختلفة الابعاد.
أتمنى الموفقية للدكتور علي حسون لعيبي على مؤلفه الجديد الذي ضم معلومات مهمة لم تذكر في كتب الحوار من قبل وهذا يحسب له إبداعا وتألقا بهذا الخصوص.
صدر كتاب "الحوار والتفاوض بدل القوة في العلاقات الدولية" تأليف د. علي حسون لعيبي عن دار آراء للطباعة والنشر ويقع في (169) صفحة وأربعة فصول.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر