سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية على الموارد المالية للبلاد.. تقرير فريق الخبراء يكشف أكبر عملية نهب للمال العام.. «تقرير»
عمد الحوثيين منذ انقلابهم على الدولة وسيطرتهم على العاصمة صنعاء في ديسمبر من العام 2014، بالاستيلاء على الموارد المالية على موارد وايرادات الدولة في اليمن، وجني وتحصيل "بلايين" الدولارات سنوياً، واستخدامها لتمويل عملياتهم العسكرية، وما يعرف بالمجهود الحربي.
وأورد تقرير فريق الخبراء الأممي، المقدم لمجلس الأمن الدولي في الثاني عشر من يناير الجاري، أرقام ووثائق صادمة عن نهب الحوثيين للمال العام، وتسببهم في إنهيار إيرادات الدولة، وتوقف مرتبات الموظفين، وانهيار المنظومة الاقتصادية للبلاد.
إنهيار الإيرادات الضريبية
كشف تقرير فريق الخبراء ، عن تسبب مليشيا الحوثي في انهيار الإيرادات الضريبية، وانخفاضها من1.053 ترليون ريال يمني عام 2015، إلى أقل من 500 بليون ريال يمني في العام 2019.
وذكر التقرير عدداً من الأسباب والممارسات التي قام بها الحوثيون منذ إنقلابهم على الدولة، وتسبب في إنهيار الإيرادات الضريبية، ومن أبرز ذلك تحويل الموارد من الارباح ومكاسب رأس المال الناتجة عن حصة الحكومة اليمنية في الشركات الشركات المملوكة للدولة والمؤسسات شبه الحكومية، وتطبيقهم تدابير ضريبية تعسفية وغير قانونية، بالإضافة إلى استهدافهم تدفقات ايرادات الحكومة اليمنية من خلال سيطرتهم على إدارة المؤسسات.
نهب مكثف
ويشير التقرير أن العام 2019، شهد جهود مكثفة من الحوثيين للسيطرة على الموارد، ولم يتركو للحكومة اليمنية سوى ايرادات ضئيلة جداً، حيث إنخفضت الإيرادات من 471.49 بليون ريال يمني في العام 2018_ إلى 76.89 بليون ريال يمني في العام 2019، واستولى الحوثيين على فارق الإيرادات في العام 2019، والبالغ 394.6 بليون ريال يمني، بحسب ما ورد في تقرير فريق الخبراء.
البنك المركزي
استولى الحوثيين فور دخولهم صنعاء على البنك المركزي اليمني، وقامو بنهب احتياطي النقد الأجنبي في البنك البالغ 4 مليارات دولار أمريكي، والزمو البنك المركزي بإيقاف صرف كل البنود، بما فيها توريد المبالغ الخاصة بالبنوك، ووقف صرف كل ما يتعلق بأنشطة القطاع الخاص.
وكشف تقرير فريق الخبراء عن نهب الحوثيين 1.039 تريليون ريال يمني في عام 2019، كانت مخصصة لدفع رواتب الموظفين، وتوفير المواد الأساسية للمواطنين، لكن الحوثيين حولوها لتمويل عملياتهم العسكرية.
وفي مارس من العام 2020، يقول تقرير فريق الخبراء أن الحوثيين نهبو 50 بليون ريال يمني من البنك المركزي في صنعاء، في مخالفة صريحة لإتفاق الحديدة الذي ينص على أن الإيرادات المحصلة من ميناء الحديدة يجب أن تودع في البنك المركزي بالحديدة، ثم تستخدم لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية، لكن الحوثيين حولوها لحساباتهم الخاصة.
جمارك البضائع والمواد الغذائية
أوقف الحوثيون العمل بإتفاقية التيسير والتبادل التجاري العربية، بغرض السيطرة على جمارك البضائع والمواد الغذائية، وقامو بالغاء الخفض الجمركي على هذه الواردات، بالإضافة إلى تحصيلهم الرسوم الجمركية على الواردات العربية في ميناء الحديدة بنسبة 100%.
وفي مداخل المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، استحدث الحوثيين منافذ جمركية ، تقوم بتحصيل رسوم على البضائع، التي تم دفع رسومها الجمركية في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، وهو ما دفع الغرفة التجارية في صنعاء، مطلع مارس/ 2015، لإصدار بيان نددت فيه بالإجراءات التعسفية التي تتعرض لها شحنات التجار وبضائعهم من قبل سلطة الحوثيين.
وأوضحت الغرفة، في بيانها، أن سلطات الحوثيين تفرض رسوما جمركية على شحنات تجارية مستوفية لكافة الإجراءات الجمركية في المنافذ الرسمية القادمة منها في مناطق الحكومة الشرعية ، مؤكدة أن هذه الإجراءات خلفت تأثيرات سلبية على السوق والحركة التجارية على مستوى معيشة الناس ونشاطهم الاقتصادي، وبالتالي انعكست سلبا على النشاط التجاري للقطاع الخاص.
ومكن إلغاء العمل باتفاقية التجارة العربية، الحوثيين من الحصول على موارد مالية كبيرة من حصة الحكومة تقدر بحوالي مليار دولار سنوياً بحسب بيانات حديثة صادرة عن الحكومة اليمنية.
وأتهم مصدر حكومي الحوثيين بتحصيل ما لا يقل عن 581 مليار ريال (2.3 مليار دولار) من المناطق الخاضعة لسيطرتهم، تحت مسميات مختلفة، إضافة إلى أكثر من 400 مليار ريال (1.6 مليار دولار) ضرائب نفط خلال 2016.
المؤسسات المالية والشركات التجارية الحكومية
منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، توجه الحوثيون نحو المؤسسات المالية والشركات التجارية الحكومية، وعملو على تعيين مشرفين تابعين لهم فيها، تحت مسمى لجان رقابة شعبية.
وأورد التقرير الأخير لفريق الخبراء، أن شركة "كمران" التي بلغت ضريبتها المدفوعة للحكومة اليمنية في العام 2015 _ (23.6 بليون ريال يمني)، - كمثال - على تحويل الحوثيين لأموال وضرائب الشركات والمؤسسات والسيطرة على إدارتها، حيث يوضح ألتقرير كيف تدهورت الشركة وانهار وضعها المالي بعد أن عين الحوثيين أحد أنصارهم رئيساً تنفيذياً لها في العام 2017، وكانت الشركة في ذالك الوقت في وضع مالي صحي جداً، مع مركز نقدي يضم قرابة 17.7 بليون ريال يمني، و24.585 مليون دولار، و666.000 يورو.
ويشير التقرير أن الحوثيين بدأو بنهب شركة كمران بعد السيطرة على إدارتها، حيث طلبت وزارة المالية من الشركة في العام 2017، تحويل مبلغ 38 بليون ريال يمني، تحت مسمى دعم خزينة الدولة.
شركة صافر الحكومية للتنقيب عن البترول هي الأخرى كانت هدفاً للنهب الحوثي، حيث عينو فيها أحد انصارهم مشرفاً فيها منذ الأيام الأولى لدخولهم صنعاء، وهو ما أكدة مدير مكتب الشركة ، عبدالواحد العوبلي، في تصريح صحفي نشره موقع "العربي الجديد" منتصف العام 2015، أوضح فيه إن الحوثيين عينو أحد أفراد اللجان الشعبية مشرفاً في الشركة، وتعامل بأسلوب غير لائق مع الموظفين، وإنهم يدرسون فكرة الإضراب عن العمل في ظل ما وصفها بـ "الفوضى الأمنية".
أما شركة النفط اليمنية فقد حولها الحوثيون إلى شركة تابعة لمجموعة من التجار التابعين لهم ، وهم "اللوبي" المتحكم بتجارة النفط غير القانونية، ورفع الأسعار من بعد قرار ما يسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" التابعة للجماعة بتعويم أسعار المشتقات النفطية وربط أسعار بيعها محليا بالبورصة عالميا، حيث عمل هذا القرار على إلغاء دور شركة "النفط اليمنية" وتدميرها وانتشار السوق السوداء وانهيار العملة وزيادة معاناة المواطنين.
كما عمد الحوثيين إلى إفراغ بقية المؤسسات الإيرادية من كوادرها عبر سلسلة من التعيينات التي تهدف إلى إحلال عناصرها في الشركات الوطنية، مثل شركة "يمن موبايل" و"المؤسسة الاقتصادية" والمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، والمؤسسة العامة للبريد والتوفير البريدي، ومصلحة الضرائب، ومصلحة الجمارك، وإيرادات أمانة العاصمة، والتي تقدّر إيراداتها السنوية بمئات المليارات.
كم تم تحويل المؤسسة العامة للكهرباء إلى وزارة تجارية ، حيث نُهبت مولدات خاصة بوزارة الكهرباء وجرى تأجيرها لحساب الوزارة الجديدة كما تم تشغيل المحطات التابعة لوزارة الكهرباء وتأجيرها تجارياً، وجرى تعميم "الكهرباء التجارية"في بقية المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثي.
قطاع الإتصالات
قال خبير الاتصالات اليمنية، مهندس الإلكترونيات محمد المحيميد، في تصريحات صحفية نشرتها صحيفة "الوطن" منتصف العام الماضي 2020، أن الحوثيون يجنون موارد مالية ضخمة من قطاع الاتصالات والإنترنت، حيث حصل الحوثيين من شركات الاتصالات الثلاثة، يمن موبايل، سبأ فون، إم تي إن، مابين عامي 2014، و 2018 فقط، على 1.082 مليار دولار فقط تحت بند الضرائب والزكاة، وهناك موارد أخرى من قطاع الاتصالات والإنترنت، حيث يمكن ذكر ما يقارب 90 مليون دولار سنويا من فارق الاتصالات الدولية، حيث يستلم الحوثيون هذه المبالغ من مختلف الدول باستثناء المملكة التي رفضت تسليم أي مبلغ لهم منذ انقلابهم على الشرعية.
قطاع العقارات والأراضي
توجه الحوثيون مؤخراً نحو غنيمة جديدة في صنعاء، حيث وجدو في قطاع الاراضي والعقارات مرتعاً خصب، يدر عليهم مئات الملايين، وقد وجه المدعو محمد علي الحوثي، وزير العدل في حكومة الحوثيين، بمخاطبة الأمناء الشرعيين بإلزام الباعة والمشترين في الأراضي والعقارات بدفع نسبة مالية من كل عملية شراء.
وجاء في التعميم الحوثي حسب ما ذكره موقع " العاصمة أونلاين " فرض نسبة من 1 إلى 3 % من قيمة العقار تدفع إلى الأمناء التابعين للمليشيا الحوثية.كما يلزم أي مواطن يرغب بتعميد أي بصيرة شراء بدفع النسبة ذاتها من 1 إلى 3 % من قيمة شراء أو بيع العقار أرضاً أو مسكناً، يضاف إليها غرامة تأخير 2% من مبلغ التعميد، أي أن النسبة قد تصل إلى 5 %، وتودع تلك المبالغ إلى حسابات القيادات الحوثية، تحت مسمى دعم المجهود الحربي.