- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
قبل أيام، وجه الادعاء العام في السويد تهما تتعلق بارتكاب جرائم حرب ضد مسؤول إيراني يدعى حميد نوري كان يشغل عضوية لجنة أصدرت أحكام إعدام جماعية العام 1988 في خطوة يقول خبراء إن لها انعكاسات على الرئيس الإيراني الجديد.
وجاءت الاتهامات السويدية وتحويل نوري إلى القضاء بموجب ما يسمى بـ "الولاية القضائية العالمية"، وهو مبدأ من مبادئ القانون الدولي يسمح لأي محكمة وطنية بمقاضاة المتهمين بارتكاب "جرائم فظيعة" بصرف النظر عن مكان وجودهم.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن القضية المرفوعة ضد نوري تجعل منه أول متهم إيراني يحاكم جنائيا استنادا إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية على جريمة ارتكبت داخل البلاد.
وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه القضية تحمل تداعيات ضد الرئيس الإيراني المنتخب، إبراهيم رئيسي، الذي كان أيضا في عضوية اللجنة ذاتها التي أقرت أحكام الإعدام الجماعية.
ما هو أصل القصة؟
كان الطالب، بيجان بازركان، من بين ما يقدر بنحو 5000 سجين ينتمون إلى المعارضة المسلحة والجماعات اليسارية في إيران، الذين تقول منظمة العفو الدولية وجماعات حقوقية أخرى إنهم أُعدموا في صيف 1988.
الشاب البالغ آنذاك 28 عاما كان عضوا في جماعة شيوعية بإيران ويقضي عقوبة السجن لمدة 10 سنوات، تقول عائلته إنه أعدم دون محاكمة.
وقالت لاله بازركان، أخت السجين الإيراني الراحل، وهي صيدلانية تبلغ من العمر 51 عاما هاجرت إلى السويد وتعيش في العاصمة ستوكهولم، "بعض الناس يطلبون منا أن نغفر وننسى، لكننا لا نستطيع ذلك".
خلال حديثها لصحيفة "نيويورك تايمز"، أضافت: "يجب أن تظهر الحقيقة، من أجل المساءلة وإغلاق هذه القضية".
عمل نوري كمساعد لنائب المدعي العام في سجن جوهاردشت، حيث تم إعدام بازركان ومئات السجناء الآخرين شنقا، فيما يتوقع أن يشهد حوالي 30 مدعيا، بمن فيهم أخت بازركان، ضد نوري في هذه المحاكمة.
كان نوري أوقف في مطار ستوكهولم عندما وصل لزيارة عائلته عام 2019، حيث علم النشطاء بخطط سفره وأبلغوا السلطات التي رفضت إطلاق سراحه بكفالة حينها.
ومذاك، بدأت السلطات السويدية التحقيقات، وأجرت مقابلات مع العشرات من أفراد عائلات الضحايا والناجين ونشطاء حقوق الإنسان الإيرانيين الذين سجلوا لسنوات شهادات وتفاصيل عمليات الإعدام الجماعية.
لكن محامي نوري نفى في حديث لوسائل إعلام سويدية الاتهامات، وقال إن السلطات اعتقلت المسؤول الإيراني بالخطأ.
لطالما تعرضت إيران بشكل مستمر لانتقادات جماعات حقوق إنسان دولية بسبب حملة الإعدام الجماعية التي جاءت في أعقاب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية.
كان السجناء الذين تعرضوا للإعدام في ذلك الوقت ينتمون لجماعة مجاهدي خلق المدعومة من نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بالإضافة إلى جماعات سياسية يسارية.
وقال نشطاء حقوق الإنسان إن معظم السجناء الذين أُعدموا لم تتم إدانتهم بجرائم الإعدام وكانوا يقضون عقوبات بالسجن.
انعكاسات على رئيسي
وتبدأ محاكمة نوري يوم 10 أغسطس المقبل، بعد أقل من أسبوع من تولي إبراهيم رئيسي منصبه بصفة رسمية، فيما يتوقع أن تستمر المحاكمة لشهر أبريل المقبل.
ورئيسي البالغ من العمر 60 عاما، كان عضوا في اللجنة ذاتها التي كان نوري عضوا فيها، وهي لجنة مكونة من أربعة أشخاص التي استجوبت السجناء وأصدرت أوامر الإعدام.
وقال رئيسي إنه كان يتصرف بتوجيه من الأب المؤسس للثورة، روح الله الخميني، الذي أمر بتشكيل لجنة لتسهيل عمليات الإعدام.
يقول خبراء قانونيون إن المسؤولين والعاملين الإيرانيين الذين أدينوا في ألمانيا وفرنسا ومؤخرا ببلجيكا تعلقت تهمهم باغتيالات ومؤامرات المتعلقة بالإرهاب داخل تلك البلدان، لكن لم تتم إدانتهم قط بجرائم ارتكبت داخل إيران.
وقال المحامي والمدافع البارز عن حقوق الإنسان، شادي صدر، إن "المحاكمة مهمة للغاية لكسر حلقة الإفلات من العقاب من إيران إلى أماكن أخرى للمسؤولين المتهمين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان".
من جهته، يرى الباحث في الشؤون الإيرانية، هاني سليمان، أن "المحاكمة في هذا التوقيت مهمة ولها تداعيات خطيرة على ملف الرئيس المنتخب".
وقال سليمان لموقع قناة "الحرة" إن "هذه المحاكمة ستشكل صداعا كبيرا في رأس النظام الإيراني على اعتبار أن ما ينطبق على نوري ينطبق تماما على رئيسي".
وأضاف: "رئيسي لم يكتفِ بتلك الإعدامات بل واصل مساره في السلك القضائي وأصدر أوامره بإعدامات أخرى، وخاصة للمتظاهرين في الاحتجاجات الأخيرة بين عامي 2017 و2020".
وكانت منظمة العفو الدولية قد دعت في وقت سابق لإجراء تحقيق رسمي في تاريخ الرئيس الإيراني المنتخب خلال عمله بالسلك القضائي قبل أن يكون رئيسا للهيئة القضائية منذ العام 2019.
ومع ذلك، يقول سليمان إن "الحسابات السياسية مختلفة بين نوري ورئيسي على اعتبار امتلاك الأخير الحصانة الدبلوماسية"، مرجحا أن يتم التعامل مع رئيسي بشكل دبلوماسي.
وبالرغم من ذلك، يشير الباحث في الشؤون الإيرانية إلى أن حركة الرئيس المنتخب خارج البلاد ستكون مقيدة نسبيا خلال المرحلة المقبلة.
"مسألة غير واردة"
ومنذ عامين، يخضع الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي لعقوبات من جانب الولايات المتحدة بسبب انتهاكات في مجال حقوق الإنسان، ما جعل أعضاء من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ يطلبون رسميا من إدارة جو بايدن عدم منح رئيسي تأشيرة دخول للولايات المتحدة حال حضوره لاجتماعات الجمعية العامة للأمم العامة في نيويورك.
في المقابل، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة للنيويورك تايمز، من خلال متحدث باسمها، إنه ليس لديها تعليق على المحاكمة في السويد وأن خطط سفر الرئيس المنتخب رئيسي للجمعية العامة لا تزال غير واضحة بسبب جائحة كوفيد-19.
وأشار المتحدث باسم البعثة الإيرانية إلى أن الرئيس المنتخب سيتحدث في اجتماع الأمم المتحدة سواء حضوريا أو افتراضيا.
في حين، يستبعد سليمان أن تتجه الولايات المتحدة لمنع رئيسي من دخول أراضيها لوجود "اعتبارات أخرى متمثلة في المفاوضات النووية"، قائلا: "مسألة المنع غير وارد على الأقل في هذا التوقيت".
لكنه يقول إنه "من الممكن أن تستخدم واشنطن هذه الورقة للضغط على إيران على طاولة المفاوضات".
ومنذ أبريل الماضي، تعقد الولايات المتحدة وإيران مفاوضات غير مباشرة في فيينا لإعادة إحياء الاتفاقية النووية المعروفة باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" المبرمة عام 2015 في عهد الرئيس أوباما والتي انسحب منها الرئيس السابق دونالد ترامب وأعاد فرض عقوبات قاسية على طهران.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر