يجمع الكثير من المواطنين في المناطق المحررة، وأيضا من يتواجدون في مناطق سيطرة الحوثي الانقلابية، أن العمل على تفعيل ثالث سلطات الدولة العليا "السلطة القضائية"، يعتبر من الضروريات الملحة في بلد أنهكته الحروب، وخاصة ما أفرزه انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، من شلل شبه كامل لمؤسسات الدولة نتج عنه الكثير من المعاناة المتراكمة لسنين طويلة.
ويجمع الجمع من هؤلاء أن اهتمام قيادة الدولة ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، والحكومة الشرعية برئاسة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، في إعادة وتفعيل دور القضاء في المناطق المحررة وحتى في مناطق سيطرة الحوثي، تعتبر خطوة مهمة في الغاية، وأنها بهذا التحرك وضعت يدها على الجرح الذي يشتكي منه أبناء الشعب لسنين طويلة وزاد ذلك بعد انقلاب الحوثي في سبتمبر 2015.
ولم يكن الآمر بالنسبة للحكومة الشرعية بالسهل، خصوصا وأن الميليشيا الحوثية سيست القضاء وعمل المحاكم وقامت بعدد من التغييرات خدمة لمشروعها الطائفي العنصري السلالي وأدخلت قوانين ما أتى الله بها من سلطان على أساس التمييز العنصري في مخالفة واضحة لماء جاء في كتاب الله وسنة رسوله الذي أمر بالعدل والمساواة.
بالإضافة إلى ما يرافق عمل الحكومة من ظروف معقدة وصعبة وموارد شحيحة، ومع ذلك بدأت في تنفيذ توجيهات الرئيس هادي بإعادة الاعتبار لمؤسسات القضاء والمحاكم والنيابات العامة التي كانت بمثابة اللبنة الأولى لبناء دولة النظام والقانون وعودة القضاء لممارسة عمله، واستيعاب ما قدمه مجلس القضاء الأعلى من مقترحات وتذليل الصعوبات التي تواجه عمل القضاء على مختلف الأصعدة.
مضت الحكومة ورئيسها الدكتور بن دغر، في الكثير من الخطوات التي من شأنها إفساح الطريق أمام أجهزة السلطة القضائية المركزية والمحلية لممارسة مهامها طبقا للدستور والقوانين النافذة، إيمانا منها بأنه لا يمكن أن تستقر الدولة والمجتمع إلا بتحقيق العدالة والمساواة والتي لن تتحقق إلا باتباع النظام والقانون.
كما ركزت الحكومة على تذليل كافة الصعوبات لإعادة وتنظيم مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا ومكتب النائب العام وهيئة التفتيش القضائي ومحاكم ونيابات العاصمة الموقتة عدن ومحافظات أبين ولحج والضالع وتعز وشبوة حضرموت والمهرة ومأرب ومحكمة الجوف الابتدائية.
وبادرت بدعم السلطة القضائية ورعاية منتسبيها وصرف مرتباتهم العام الماضي والتي كان لها أثر كبير في ترسيخ استقلال السلطة القضائية وإبعادها عن الصراعات، بالإضافة إلى شروعها في عملية إصلاح وتطوير القضاء وتحديث أجهرته وتحقيق استقلاله وحياديته.
وفي منتصف فبراير الماضي، أصدر رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، حزمة من التوجيهات تنصف ثالث سلطات الدولة "السلطة القضائية"، وذلك خلال لقائه بعدن، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي الدكتور علي سالم ووزير المالية الدكتور أحمد الفضلي.
حيث وجه بن دغر حينها بحسب متابعة "الأحرار نت" وزارة المالية بسرعة البت في صرف مرتبات جميع القضاة وأعضاء النيابة في المناطق المحررة، ومحافظة تعز والجوف ومأرب وبعض مديريات محافظتي البيضاء والحديدة، وكذا مرتبات القضاة الذين لم يرتبطوا بالانقلاب الحوثي في كل المحافظات.
كما أكد رئيس الوزراء على ضرورة صرف مرتبات القضاة وأعضاء النيابة النازحين من المناطق التي لاتزال تحت سيطرة المليشيات الانقلابية سواء كانوا في الداخل أو الخارج.
ووجه بالتعامل مع القضاء والنيابة وفقا للدستور بحيث تسلم المبالغ إلى الجهات القضائية المختصة كرقم واحد لتحمل هذه مسؤولية صرف المرتبات وفق صلاحياتها.
كما تم الاتفاق على اعتماد الموازنة التشغيلية بحسب قرار مجلس الوزراء مع الاستثناء عند الضرورة لأهمية القضاء، وعلى أن تشمل الموازنة إيجار كل المباني التي يستخدمها القضاء بمختلف مستوياته وكذلك النيابة العامة.
وشدد رئيس الوزراء على استكمال إنشاء محاكم القضاء في مختلف مديريات المحافظات المحررة، وترميم ما هو موجود منها وخاصة تلك التي تعرضت لأضرار أثناء اقتحام المليشيات الحوثية بعدن وبعض المحافظات الأخرى.
وبناء على ما مهدت به وأنصفت لعودته، تواصل الحكومة بعزيما رئيسها الدكتور بن دغر ونشاطه الذي يشهد له الجميع، في الوقوف على أهم المستجدات التي من شأنها أن تنمح استمرارية القضاء في أداء مهامه وبتطور من شأنه استلام وإنجاز قضايا المواطنين بأقرب وقت ممكن.
وبناء على ذلك وجه رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، أمس الأحد، بإدخال تقنية المعلومات القضائية وذلك من خلال النظام القضائي الإلكتروني الشامل الذي يستوعب كافة إجراءات القضايا في أجهزة العدالة (شرطة - نيابة - محاكم).
وجاء توجيه الدكتور بن دغر، بحسب رصد "الأحرار نت"، لما له من أهمية في عملية توثيق وتبسيط وأرشفة الإجراءات وسرعة الفصل في القضايا وسهولة البحث.
ويأتي أيضا لتوفير المعلومات بوقت قصير وتحديث وتطوير العمل القضائي، بالإضافة لتحقق الرقابة الفاعلة على أداء أجهزة العدالة في عموم المحافظات والمديريات وخاصة المحررة منها.
ووفقا لوكالة سبأ الرسمية، فقد جاء توجيه الدكتور بن دغر، خلال زيارته، إلى المجمع القضائي والمحكمة العليا في العاصمة المؤقتة عدن، وعقده اجتماعا ضم رئيس مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي ناصر سالم، ورئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار، والنائب العام الدكتور علي الأعوش، وعدد من القضاة بحضور عدد من الوزراء.
وعلى غرار كل هذه الجهود شهدت العاصمة المؤقتة عدن، نهاية العام الماضي، أولى جلسات محاكمة لعدد من المتهمين بقضايا إرهاب، حيث عقدت المحكمة الجزائية الابتدائية المتخصصة، أولى جلساتها برئاسة رئيس المحكمة القاضي وهيب فضل علي لمحاكمة عدد من المتهمين بقضايا الإرهاب.
وفي تصريح لوكالة سبأ الرسمية تابعه "الأحرار نت"، أوضح رئيس النيابة الجزائية بعدن محمد علي صالح بأن المحاكم والنيابات قد استعادة عافيتها وتعمل بصورة طبيعية ومنتظمة.
وأشار إلى أن هذه هي أولى الجلسات التي تعقدها المحكمة للنظر في قضايا الإرهاب.. مؤكداً بأن المحاكمة ستكون بداية لمحاكمات في قضايا الإرهاب والاتجار والترويج بالمخدرات وأن القضاء والنيابات جاهزون لمحاكمة كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن والمواطن.
وفي تصريح أمس الأحد، أشاد رئيس مجلس القضاء الأعلى، الدكتور علي ناصر سالم، بالدعم الذي يوليه فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء للقضاء، وذلك في إعاده ترميم وتاهيل مباني القضاء والمحاكم والنيابات العامة في جميع المحافظات المحررة، بإلإضافة وفقا لتصريحه إلى حرصهم (الرئيس هادي ورئيس الوزراء بن دغر) الدؤوب على متابعة قضايا المواطنين وسرعة إنجازها.
وأشار الدكتور سالم، إلى أن زيارة دولة رئيس الوزراء الأولى للمجمع القضائي بداية العمل فيه هي الدافع المعنوي والداعم لافتتاح المجمع الذي يقف اليوم على قدميه مجددا برغم الظروف والتحديات الصعبة التي تواجه البلاد.
من جهته أشاد رئيس المحكمة العليا القاضي حمود الهتار، بالدعم الذي قدمته الحكومة للقضاء والمحاكم والتي أثمرت بعودة العمل القضائي ومحكمة استئناف عدن.. مشيرا إلى تجاوز الأضرار التي لحقت بالمجمع في أواخر شهر يناير الماضي جراء الاحداث المؤسفة التي شهدتها عدن، باعتبارها سحابة صيف قد أزيلت وقد عاد العمل في المجمع القضائي إلى عمله بعد إصلاح الأضرار التي لحقت به.
ولم تقف الحكومة على كل ما سبق فحسب، بل سعت لإفساح المجال للاستماع لشكوى الموطنين، حيث شدد الدكتور بن دغر، على ضرورة إنجاز معاملات المواطنين ورفع الظلم عن المظلومين ومعاقبة المجرمين وتنفيذ القانون على الجميع وأن الكل سواسية أمام القضاء.. مؤكداً الحرص على استقلالية القضاء وعدم التدخل في شئونه للقيام بمسؤولياته التي يستمدها من الشريعة الاسلامية والنظام والقانون.
وحصل "الأحرار نت"، أمس الأحد، على صور لرئيس الوزراء، وهو يستمع لمشاكل المواطنين، خلال زيارته التفقدية للمجمع القضائي والمحكمة العليا في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال وفقا لوكالة سبأ الرسمية "عليكم أن تجعلوا قضايا المواطنين نصب أعينكم وأن تهتموا بإزالة العشوائيات ومنع الاعتداءات على أراضي الدولة والمواطنين ووقف أي اعتداء في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة فعدن درة اليمن، وهي منطلق وبداية الاستقرار والتنمية والاستثمار والانطلاق نحو المستقبل يبدأ منها.