- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
يبدو أن إزاحة "بن دغر" عن الملف أغرى الكثير ممن ينهشون في جسد الشرعية لتقطيع أوصالها ، وتفريق قوتها .. إذ تفيد الأنباء الميدانية عن التحرك الكثيف الذي يقوم به المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث تمهيدا لإطلاق جولة محادثات جديدة بين الفرقاء اليمنيين عوضا عن شرعية وانقلاب، أنه شمل إجراءه لقاء في العاصمة الأردنيّة عمّان مع الرئيس اليمني الأسبق لليمن الجنوبي إبان التشطير علي ناصر محمّد، الذي يصفه البعض بـ”الصوت المختلف” نظرا لمنظوره الخاصّ للمسألة الجنوبية، فيما يؤكّد هو ذاته امتلاكه رؤية للحلّ في اليمن، سبق له أن صاغها في مبادرة تقدّم بها لمؤتمر “فالداي” بموسكو.
ويترجم لقاء غريفيث- ناصر محمّد، من جهة مقابلة توجّها واضحا لدى المبعوث الأممي نحو توسيع دائرة المشتركين في مباحثات الحلّ البديل للحرب في اليمن، لتشمل إلى جانب ممثلي الحكومة اليمنية الشرعية والمتمرّدين الحوثيين، ممثّلين جدد لملف القضية الجنوبية، والذين يضمون في صفوفهم أكثر من طرف يحمل كلّ منها تصوّره الخاص لحلّ تلك القضية.
وتجسيدا لذات التوجّه، كان غريفيث قد التقى في العاصمة الإماراتية أبوظبي، برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي،والذي قالت مصادر يمنية إنّه تلقّى وعودا واضحة بأن يكون للمجلس الذي يرأسه دور ثابت في الترتيبات المستقبلية الجاري إعدادها لليمن بدءا من مشاركته كطرف رئيسي في محادثات السلام التي يعمل غريفيث على عقدها في لندن بعد فشله في عقد جولة بجنيف مطلع سبتمبر الماضي.
وبشأن فحوى اجتماع عمّان بين المبعوث الأممي والرئيس الأسبق علي ناصر محمد، فقد قالت الأنباء إنهما ”تبادلا وجهات النظر بشأن وقف الحرب وإحلال السلام في اليمن”.
لكن مصادر يمنية تقول " إنّ الرئيس علي ناصر محمّد يدفع باتّجاه تشكيل وفد جنوبي موحّد لأي مشاورات قادمة تعقد بين الفرقاء اليمنيين برعاية أممية".
ويقدّم علي ناصر محمد “نظرة يعتبرها وسطا” للقضية الجنوبية التي يرى أنه لم يعد من الممكن تجاهلها في أي ترتيبات بشأن مستقبل اليمن.. وتتمثّل تلك النظرة في الدعوة إلى " يمن اتحادي" لكن من إقليمين اثنين فقط شمالي وجنوبي ، وهو ما يعتبر "شعبيا" و بعيدا عن حسابات الساسة بأنه حالة انفصال جاهزة لكنها غير معلنة حتى إنجاز استحقاقها الزمني.
ويحاول صاحب هذا الطرح إحداث نوع من التوازن بين الأصوات المتنافرة التي يدعو المتطرفون من أصحابها إلى فصل الشمال عن الجنوب والعودة إلى واقع الدولتين الذي كان قائما قبل وحدة 1990، ولا يعترف البعض الآخر سوى بواقع الدولة الواحدة.
وأثيرت القضية الجنوبية خلال الفترة الأخيرة، مع استشراء الخلافات بين ساسة جنوبيين يمنيين، وحكومة الرئيس عبدربّه منصور هادي المعترف به دوليا ، وسط تعهد من رئيس الجمهورية - في خطابه الأخير عشية الذكرى الخامسة والخمسين لثورة 14 اكتوبر في جنوب الوطن ،.والذي قال فيه إن القضية الجنوبية كانت محور ارتكاز مجمل مناقشات ونتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ، وأنه لن يسمح بعد بالابتزاز أكثر في موضوع هذه القضية التي تنصفها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، وطرح الأقاليم الستة للجمهورية كصيغة جديدة لشكل كل من الحكم والوحدة اليمنية مستقبلا.
وكامنت الخلافات حضرت بحدّة خلال إحياء الذكرى الخامسة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر، إذ انقسمت تيارات جنوبية بشأن طريقة إحيائها، حيث أراد البعض - (المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تموله دولة الإمارات العربية المتحدة) - تحويلها إلى مناسبة شعبية للتعبير النهائي عن الرغبة في الانفصال وإعلان إحياء دولة الجنوب، بينما آثر البعض الآخر التهدئة ومسايرة الترتيبات التي يراد القيام بها لتحديد مستقبل اليمن ككل.
الجظير بالذكر أن علي ناصر محمّد يؤمن بأن حلّ الأزمة اليمنية عسكريا يبدو مستحيلا ، يرى الحلّ السياسي حتمي.. وقال في حوار صحفي سابق "إن الحل لوضع اليمن اليوم لن يكون عسكريا ، بل سياسيا وسلميا، وهذا الحل لن ينجح إلا بمعالجة الملفات خطوة خطوة، مثل ملف القضية الجنوبية، وإرجاع هيبة الدولة، وغيرهما من الملفات التي تتطلب توافقا بين كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المتداخلة في الصراع اليمني- اليمني، مشددا على ضرورة الاحتكام إلى لغة الحوار، بدلا من لغة السلاح، التي لا تولّد إلا العنف".
ودايما ما يحذّر علي ناصر محمد الذي يرأس “المركز العربي للدراسات الاستراتيجية”، من أي خلافات بين الأطياف الممثلة للقضية الجنوبية والمنضوية تحت لافتة الحراك الجنوبي.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر