- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
ندد باحثون وخبراء دوليون بجرائم الميليشيات الحوثية التي مثلت تهديدا خطيرا لأرواح اليمنيين منذ انقلاب الجماعة على الشرعية في 2014. وفي مقدم تلك الجرائم تجنيد الجماعة آلاف الأطفال والزج بهم في جبهات القتال، إلى جانب قيامها بزرع مئات الآلاف من الألغام بشكل عشوائي الأمر الذي جعلها خطرا مستداما يهدد بحصد أرواح اليمنيين في مختلف المناطق.
جاء ذلك خلال ندوة أقيمت أمس في مقر الأمم المتحدة بنيويورك ندوة بعنوان «المدنيون في صراع اليمن من منظور القانون الدولي الإنساني»، بالتزامن مع انعقاد المشاورات بين الأطراف اليمنية في السويد، حيث شددت الندوة على ضرورة الحفاظ على حياة المدنيين وسلامتهم في الحرب الدائرة منذ أربع سنوات.
واتهم باحثون مشاركون في الندوة إيران بلعب دور رئيسي في تزويد الجماعة الحوثية بالألغام فضلا عن تقديمها خبرات متطورة لتصنيع الألغام محليا، وهو ما ساهم في وفرة الألغام والمتفجرات في يد الجماعة لاستخدامها على نحو يهدد أرواح آلاف المدنيين. وتطرق الخبير الدولي جونا ليف، مدير العمليات في مؤسسة بحوث التسلح (بريطانيا)، في مداخلته المعنونة «الألغام والعبوات الناسفة المستخدمة من قبل قوات الحوثيين في الساحل الغربي»، إلى ضلوع إيران المباشر والكبير في رفد الحركة الحوثية بالألغام الإيرانية الصنع التي لم تكن في حوزة الجيش اليمني قبل الحرب، إضافة إلى تدريب الحوثيين على صناعة ألغام محلية الصنع بأعداد هائلة.
وشدد ليف على أهمية وضع الخطط والخرائط من الآن لنزع هذه الألغام وإشراك الجميع، بما في ذلك الحوثيون، في هذه العملية. وفي بداية الندوة التي نظمتها الهيئة الدولية للسلام وحقوق الإنسان بجنيف (ILPHR)، والمجلس العالمي للحقوق والحريات (ICRF) في الولايات المتحدة، كان الدكتور إبراهيم العدوفي، رئيس الهيئة الدولية للسلام، أكد في كلمة مسجلة أهمية موضوع الندوة، وما تشكله الأوضاع الإنسانية الخطيرة في اليمن من انتهاك لحياة وحقوق المدنيين من أطراف النزاع المختلفة. وطالب العدوفي بإطلاق سراح الأطفال المجندين وضمان إعادة دمجهم بشكل دائم، وأهمية سرعة معالجة قضية الألغام وانتشارها الواسع وخطرها على أرواح المدنيين.
من جهته، أشار الدكتور دحان النجار، وهو رئيس «المجلس العالمي للحقوق»، إلى أهمية تزامن انعقاد الندوة في يوم بدء محادثات السلام نفسه في السويد، مؤكداً أن أطفال اليمن بحاجة إلى التعليم والكتاب المدرسي وليس إلى السلاح والموت في جبهات القتال، وأن أرض اليمن أصبحت مزروعة بالألغام التي تتفجر تحت أقدام سكانها بدلاً من القمح والذرة والخضراوات والفواكه التي اشتهرت بها أرض «اليمن السعيد».
- تجنيد الأطفال وقتل المستقبل
واستأثرت ظاهرة التجنيد الكبير والمستمر للأطفال في اليمن بالجزء الأول من الندوة، حيث سلط الباحث البريطاني بيتر سيلسبري، وهو من كبار المستشارين في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، في مداخلته المعنونة «تجنيد الأطفال وحماية المدنيين بموجب القانون الدولي» الضوء على هذه الظاهرة. وكشف سيلسبري عن أنه عندما انسحب الحوثيون من عدن تركوا وراءهم كثيرا من الأطفال التائهين الذين تم تجنيدهم آنذاك، مشيراً إلى أنه اطلع على تجربتهم المريرة وكيف تم استدراجهم عبر قنوات النفوذ القبلية والدينية إلى الجبهات دون علمهم بذلك.
وفي الوقت الذي تشير فيه تقارير حقوقية يمنية محلية وأخرى دولية إلى أن نحو ثلث المجندين الحوثيين في جبهات القتال هم من الأطفال، أكد سيلسبري أن تجنيد الأطفال لا يقتصر على جماعة الحوثي فقط، إذ إن هناك أطرافا مثل تنظيم القاعدة تفعل الصنيع نفسه. إلا أن جماعة الحوثي برأيه «تظل الأسوأ من بين الجميع»، مشيرا إلى أنها تستخدم العامل الاقتصادي بشكل رئيسي في استقطاب الأطفال، وقال إنه تم رصد كثير من حالات الإكراه التي مورست لصغار السن من الأطفال، ومساومة أهاليهم على إطلاقهم بالمال أو القبول بالذهاب بهم إلى معسكرات التدريب الحوثية.
أما الدكتور محمود العزاني، وهو رئيس «مؤسسة تمدن» في بريطانيا، فقد تطرق في مداخلته بعنوان «قتل المستقبل وتجنيد الأطفال في اليمن»، إلى آخر الإحصائيات والمعلومات المتعلقة بتجنيد الأطفال في اليمن، وعوامل الاستقطاب والإكراه التي تستخدم في هذه العملية، مختتماً بقوله إن مسألة تجنيد الأطفال هي جريمة حرب وقتل متعمد لمستقبل اليمن والأجيال القادمة.
- كارثة الألغام والدروع البشرية
وفي الجزء الثاني من الندوة تطرق المشاركون إلى قضية الاستخدام الواسع للألغام الأرضية والخطر البالغ الذي تشكله على المدنيين في اليمن، ليس فقط في الوقت الحاضر بل على الأجيال القادمة، إضافة إلى الاستخدام غير المسبوق للمحتجزين كدروع بشرية، وأهمية الالتفات إلى هذه القضية من أجل إنقاذ أرواح الضحايا المحتملين وتخفيف معاناة أسرهم.
يشار إلى أن الحكومة الشرعية اليمنية تتهم الميليشيات الحوثية بأنها تستخدم الآلاف من السكان دروعا بشرية في كثير من المناطق التي تسيطر عليها معرضة أرواحهم للخطر، إلى جانب تحويلها المباني السكنية والمنازل والمستشفيات إلى ثكنات عسكرية وأماكن لتخزين الأسلحة، فضلا عن قيامها بمنع السكان من مغادرة منازلهم في مناطق التماس حيث تدور المواجهات.
وتوزعت مداخلات هذا الجزء من الندوة على ثلاثة عناوين رئيسية، بدأت بعنوان «الضحايا المنسيون دروع بشرية» للدكتور همدان دماج، وهو باحث وأكاديمي يمني ويشغل منصب نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني، التي ألقاها نيابة عنه الباحث دكتور عادل حنيبر.
وتطرقت مداخلة دماج إلى الإحصاءات والحوادث الموثقة منذ اندلاع الحرب، والتأكيد على أهمية أن يلتفت المجتمع الدولي إلى جرائم الحرب المنسية التي ستشكل دائماً عائقاً في طريق المصالحة والسلم الاجتماعي سواء أثناء النزاع أو خلال فترة ما بعد الحرب.
من جهتها، أكدت رئيسة منظمة «يمن أيد» الناشطة الحقوقية سمر ناصر في مداخلتها بعنوان «الألغام الأرضية في القانون الدولي» إلى ما تشكله قضية الألغام التي زرعتها الحركة الحوثية من خطر على المدنيين وتأثيرها السلبي أيضاً على المجتمعات والاقتصاد، وعلى الحد من نشاط المنظمات الدولية التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر