- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
تحتفل بلادنا اليوم الثلاثاء بالذكرى الـ«٥٥» للثورة اليمنية المجيد الـ«٢٦سبتمبر١٩٦٢م» التي فجرها أحرار اليمن ضد الحكم الامامي البائد الذي جثم على صدور الشعب اليمني ردحاً من الزمن، ومارس بحقه كل صنوف الجبروت والطغيان والظلم في أبشع الصور.. حتى قامت هذه الثورة فكانت بمثابة المنقذ الوحيد لليمنيين من القرصنة البربرية التي مارسها ضدهم حكام العهد الامامي مع سبق الإصرار، وبشكل يندر وجود مثيل له في قسوته وفظاظته المتعمدة بالإضافة إلى كهنوتيته.. وأعلنت الجمهورية وحطمت القيود وهدمت السجون وأطاحت بحكم رجعي متأله كان لا يرى الحياة إلا لنفسه، وولى عهد الظلم والقهر والتسلط والاذلال، وبزغت شمس التحرر والانعتاق.. وخرج اليمنيون جميعهم من سجنهم الكبير.
صنفت ثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» من قبل العديد من المؤرخين والكتاب كواحدة من أعظم ثورات القرن العشرين.. وذلك لأنها حسب رأيهم قفزت بالشعب اليمني ألف سنة من تاريخه.. حيث انطلقت شرارتها وكل شيء في البلد صفر.. فنظام الإمامة لم يكن مجرد نظام كهنوتي يدعي الأحقية بالولاية والسلطة، من أجل السلطة والجاه والثروة فقط، ولكنه كان نظاماً يعمل على تجهيل الشعب اليمني، وينشر الخرافات والخزعبلات في أوساطه، حيث عمل على طمس الكثير من معالم التاريخ الحضاري لليمن، وأحرق الكثير من الكتب التي ألفها عباقرة اليمن.. لذلك كان الزائرون لليمن قبل الثورة من العرب والأجانب يستغربون من الواقع البائس والمزرى الذي فرضه النظام على الشعب، ويتعجبون لاستمرار ذلك النظام الذي غاب على الكرة الأرضية قبل قرون.. وبالفعل كان حال الشعب يفوق كل التصورات، بل انه كان اشبه بالحياة التي عاشها الانسان في العصر الحجري.. لذلك فإن قيام ثورة سبتمبر وإعلان النظام الجمهوري في ظل ذلك الوضع أعتبر في حد ذاته من المعجزات الخارقة.
ما يميز ذكرى قيام ثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» اليوم أنها تبدو شبيهة الى حد ما في هذه السنوات.. وذلك لأن اليمنيين اليوم يعيشون أجواءها، ويسترجعون أحداثها ويقارنون ذلك بما تشهده البلاد من احداث وظروف وتقلبات.. والتي تبدو جميعها كنسخة مكررة من ظروف وأحداث متغيرات ثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» الخالدة.. الامر الذي جعل روح الثورة يتوهج من جديد في نفوس كافة افراد الشعب اليمني من جديد.
إذ أن الطغيان والظلم والتعسفات والانتهاكات والقهر الذي يمارسه الانقلابين في العاصمة صنعاء وبعض المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرتهم - هي ذات الممارسات والبغي الذي كان يقوم به الإمامة قبل «٢٦ سبتمبر١٩٦٢م».. كما إن الانتصارات والهزائم النكراء التي يلحقها الجيش الوطني بمليشيا الانقلاب تلك - هي نسخة أخرى مما قام به الضباط الاحرار ضد النظام الامامي الكهنوتي البائد آن ذاك.. وبالتالي فإن الاحتفال بمناسبة ثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» اليوم له خصوصيته ورمزيته والذي يتجلى من خلال الاجماع والاصرار الرسمي والشعبي على الاحتفاء بهذه المناسبة وعلى اسع نطاق.
اليمن في عهد الانقلابين الجدد
وإذا نظرنا قليلاً باتجاه مشروع الحليفين (صالح والحوثي) نجد أن هناك مشروعين عائليين إماميه يسعان للعودة للسلطة.. فالرئيس السابق صالح يسعى لتوريث السلطة لنجله أحمد.. والحوثي يسعى الآخر لإعادة نظام الامامة باعتبار السلطة من وجهة نظره حق الهي خاص به وبأبناء سلالته.. لذلك فإن الانقلاب المشئوم الذي نفذه الطرفان في «٢١ سبتمبر ٢٠١٤م» كان بمثابة محاولة لإجهاض الثورة اليمنية وإعادة انتاج النظام الامامي الكهنوتي البائد من جديد.. وقد تجلى مشروعهم الرجعي والكهنوتي ذاك من خلال الكثير من المظاهر والممارسات التي قاموا بها تجاه الشعب اليمني خلال الثلاث السنوات الماضية.. والتي اتسمت جميعها بنفس الطابع الذي ساد خلال العهد الامامي الكهنوتي البائد.
لم يعد خافيا على أحد من اليمنيين طبيعة النهج الرجعي المتخلف الذي سعى الانقلابين الجدد لتكريسه في المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرتهم، والذي هو في الاساس نسخة طبق الاصل للنهج الذي اتبعه الأئمة قبل ثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» والمتمثل في عزل الشعب اليمني عن العالم الخارجي، وتجهيله وتجويعه، وقمعه، واشاعة الظلم والقهر والرعب في نفوس ابنائه.. فقد عكف الانقلابين منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء وسيطرتهم على مؤسسات الدولة على طرد السفراء وممثلو المنظمات الدولية، وقاموا بتدمير المدارس والمرافق العامة وحولوها الى مخازن للأسلحة وثكنات عسكرية، كما قاموا بتفكيك وتدمير مؤسسات الدولة بما فيها مؤسستي الجيش والامن، وسطوا وسيطروا ونهبوا وصادروا على كل ممتلكات ومقدرات الدولة والشعب .. ثم اتجهوا لممارسة القمع والتكميم فملأوا السجون بالمعتقلين.. وأشعلوا الحروب الداخلية والخارجية، ونشروا افكارهم العنصرية والطائفية حيث اشاعوا الفرقة والانقسام بين الشعب.. واتجهوا لتوريث بنوا سلالتهم من الهاشميين.. ولا يزالون يدمرون كل شيء جميل في الوطن.. وهو الامر الذي يؤكد بما لا يدع مجالا للشك حقيقة العقلية الامامية الكهنوتية التي يمتلكونها.
سبتمبر اليوم سبتمبر شرعية الجمهورية 2017
كما كان الحال بالنسبة لأولئك الضباط الاحرار الذين حملوا مشاعل الحرية والتنوير، واجتثوا الحكم الأمامي الكهنوتي البائد من خلال قيامهم بثورة الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م».. كذلك هو الحال بالنسبة للسلطة والحكومة الشرعية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي - رئيس الجمهورية، ودولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر - رئيس مجلس الوزراء - والذين أخذوا على عاتقهم مسئولية ومهمة تحرير البلاد واستعادة الدولة بكل مؤسساتها من أيدي الانقلابين الكهنوتيين الجدد - حيث كرسوا جهودهم وامكاناتهم واوقاتهم في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي والعظيم وانقاذ البلد من الكارثة التي حلت بها.
فبدوا من الصفر بعد أن كان الانقلابين بسطوا سيطرتهم على كافة محافظات ومناطق البلد.. وبالفعل تمكنوا بإرادتهم وعزيمتهم الصلبة من تحقيق ما كان يبدو للكثيرين اشبه بالمستحيل.. فكونوا جيش وطني من الصفر، وتمكنوا من كسب تأييد ودعم ومساندة اقليمية ودولية.. ومضوا قدما ومعهم كافة ابناء الشعب اليمني في اتجاه تحرير البلاد من عناصر تلك المليشيا الكهنوتية.. وبالفعل سطروا في ذلك اروع الملاحم.. وها قد أصبح ثلثي الجمهورية اليمنية في قبضة السلطة الشرعية.. ولا يزال الابطال يواصلون ملاحمهم البطولية في سبيل استعادة ما تبقى من مناطق الجمهورية تحت سلطة اولئك الانقلابين.
انجازات سبتمبر حكومة الشرعية 2017
وعلى ذات النهج الذي اتبعته قيادة وحكومة البلد الشرعية في تحرير اليمن من كابوس الانقلابين.. مضت ايضا في الجانب الاخر في اتجاه بناء وتعمير ما دمره اولئك الانقلابين في المحافظات المحررة.. حيث كرس دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر - رئيس مجلس الوزراء - كل جهده ووقته في اتجاه اصلاح واعادة تأهيل مشاريع البنية التحتية التي دمرها الانقلابين، وبالفعل تمكن من انجاز العشرات من المشاريع الاستراتيجية التي كانت كفيلة بإعادة الحياة الى تلك المحافظات والمناطق المحررة، بدءا بمشاريع الكهرباء والمياه والطرقات، ومرورا ببناء المدارس والمستشفيات والموانئ وغيرها.. وصار لليمن عاصمة مؤقته، كما حقق العديد من المشاريع الاقتصادية التي كانت كفيلة بإنقاذ الاقتصاد اليمني مما حل به من انهيار جراء عبث ونهب مليشيا الانقلاب.. وتمكن دولته ايضا من تطبيع الحياة في كافة المحافظات والمناطق المحررة لتعود الحياة فيها الى طبيعتها.
ولم يتوقف الحال بالسلطة والحكومة الشرعية عند هذا الحد بل إن عطاء الحكومة وانجازاتها ونجاحاتها لا تزال مستمرة ومتواصلة، رغم التحديات والصعوبات الكبيرة التي تواجهها.. ومن يوم الى آخر تشهد المحافظات المحررة نقلات تنموية كبيرة، وانجازات عملاقة.. ومثلما كان الحال في العاصمة المؤقتة عدن التي عادت اليها الحكومة والحياة فيها شبه متوقفة، والتي استطاعت ان تعمرها وتطبع الحياة فيها خلال وقت وجيز.
كان الحال أيضا في بقية المحافظات.. فها نحن اليوم نتابع وعلى الدوام دولة رئيس الوزراء الدكتور احمد عبيد بن دغر متنقلا من محافظة الى اخر ومن منطقة الى ثانية يفتتح مشاريع ويدشن أخرى ويعتمد ثالثة.. ويصدر التوجيهات للسلطات المحلية في تلك المحافظات والمناطق حول كيفية تسيير الاوضاع فيها مشددا على ضرورة وضع العملية التنموية في مقدمة الاهتمامات.. ولا يزال العطاء مستمر ومتواصل.
سبتمبر تنتصر مرة اخرى
كل هذه المعطيات جميعها تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أن السلطة الشرعية ماضية في اتجاه استئصال مليشيا الكهنوت وتحرير كل شبر في اليمن من شرورها، وبالفعل لم يبق سوى وقت وجيز وتصبح اليمن كلها في قبضة السلطة الشرعية.. كما تؤكد أيضا فشل المشروع الكهنوتي الرجعي البائد ووأده الى الأبد.. وعلى اولئك الانقلابين الواهمون والبائسون ان يدركوا جيدا ان ما يمارسونه ليس سوى محاوله لجلد الذات واحراق ما تبقى لهم من تقدير عند الشعب المؤمن والمعتز بثورته ووحدته ووطنه.. فها هم اليمنيون اليوم يحتفلون ويبتهجون بثورتهم السبتمبرية الخالدة في كل مدينة ومنطقة وقرية ومنزل.. ولسان حالهم جميعا يقول: (#دمت_ياسبتمبر_التحرير).
ختاماً نقول: أن الاحتفال بيوم الـ«٢٦ سبتمبر١٩٦٢م» هو احتفاء بالحرية وقيمة الإنسان ونزوعه إلى امتلاك مصير نفسه، وتصور مستقبله.. وهذا اليوم هو رمز لإرادة الأحرار وعلامة رسمها اليمنيون الأحرار في سجل الخلود ليبقى هذا اليوم منارة للأجيال ونقطة مضيئة في درب الكفاح. وشاهدا بليغا على أن الشعوب لن تموت مهما اضطهدا الجبارون وقيدها السجانون وأسكت صوتها المستبدون.
#دمت_ياسبتمبر_التحرير.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر