حقتت المرأة المغربية مشاركة بارزة في المجال السياسي في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد تعيين أول رئيسة محافظة في جنوب البلاد.
وتم انتخاب السياسية عن حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي)، امباركة بوعيدة، رئيسة لمحافظة "كلميم واد نون"، جنوبي البلاد، وسبق للمسؤولة أن شغلت منصب الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية.
ووفقا لسكاي نيوز عربية تعد هذه المحافظة، أي كلميم واد نون، واحدة من اثنتي عشرة محافظة، أو ما يعرف في المغرب بالجهات، وتسعى السلطات إلى منح هذه المجالس صلاحيات أكبر، في مسعى إلى التقليل من الطابع المركزي للدولة.
لكن بوعيدة لم تكتف بهذا السبق، ففي سنة 2014 ، كانت أول وزيرة تضع مولودتها، وهي تشغل منصبا حكوميا يتطلب منها كثرة السفر، واضطرت إلى التغيب لفترة قصيرة ريثما تستعيد عافيتها.
ويعيد هذا الانتخاب فصولا من نضال المرأة المغربية، إذ استطاعت بعض النساء أن يصلن إلى مواقع كبرى، مثل المستشارة الملكية الراحلة، زليخة نصري، التي قدمت المشورة لعاهل البلاد، لملك محمد السادس.
وينص القانون في المغرب، على إجبارية تخصيص 60 مقعدا برلمانيا للنساء، لأجل ضمان تمثيلية المرأة، ويرتفع هذا العدد في كثير من الأحيان، لأن بعض النساء يترشحن خارج قائمة "الكوتا"، أي يدخلن في تنافس مع المرشحين الرجال، وتتولى عدة وزيرات حقائب في الحكومة الحالية.
لكن هذا الإجراء، "الكوتا"، يثير انقساما في المغرب، لأن البعض يراه بمثابة "ريع"، ما دامت المرأة التي تنال عضوية البرلمان عن طريق القائمة، لا تخوض غمار المعترك السياسي، بشكل فعلي، وتنتقل إلى المؤسسات دون أن تبذل جهدا.
في المقابل، يرى المدافعون أن هذا الإجراء الذي بدأ العمل به في سنة 1993، على عهد الملك الراحل، الحسن الثاني، ضروري لأجل النهوض بوضع المرأة، ويجري به العمل في كثير من دول العالم، في إطار ما يعرف بالتمييز الإيجابي.
وفي ديسمبر 2018، تم تعيين الحقوقية، أمينة بوعياش، رئيسة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما تتولى عدة نساء مناصب مهمة في وزارة الخارجية، وفي سنة 2016، تم تعيين الديبلوماسية جمالة العلوي، سفيرة للرباط لدى واشنطن.
وفي سنة 2018، أعلنت وزارة العدل المغربية أنها انتقت 299 امرأة لشغل وظيفة "مأذون شرعي" من بين مشاركين في مباراة فتحت أمام النساء لأول مرة، عقب صدور فتوى نادرة في العالم الإسلامي سمحت للنساء بممارسة هذه المهنة.
وترى الرئيسة السابقة، للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، خديجة رياضي، أن ما هو أهم في المشهد السياسي الحالي بالمغرب،، هو أن المرأة حاضرة بشكل كبير في نضالات الشارع والعمل النقابي والحقوقي، وترى رياضي أن ما تقوم النساء من خارج المؤسسات أكثر نفعا.
وتضيف رياضي التي فازت بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سنة 2013، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن وصول النساء إلى المناصب السياسية ليس مكسبا في حد ذاته، لأن المطلوب هو أن تتحقق الديمقراطية، حتى يتم طرح الأسئلة الحقيقية في البلاد، أما النساء اللائي يتولين بعض المسؤوليات في الوقت الراهن فلا يحدثن تأثيرا كبيرا ولا يختلفن عن أداء الرجال.
وحين سئلت رياضي، حول ما إذا كان وصول المرأة ضروريا حتى تثار قضاياها، أم إن الساسة الرجال قد يقومون بتلك المهمة، من باب الانتصار للمبدأ، أجابت بأن الأمر يكتسب "طابعا نسبيا".
وأوضحت أن المعتاد هو أن من ينتمي إلى فئة من الفئات، هو الذي يتولى الدفاع عنها بشكل أفضل، في الغالب، لأنه يكون أكثر استشعارا لهموم تلك الفئة وقضايا، لكن هذا ليس أمرا مطلقا، لأن بعض الأشخاص ينتصرون للمبدأ، بغض النظر عن انتمائهم، أي أن الرجل بدوره قد يكون منافحا بشدة لأجل إنصاف المرأة.