- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
عند وصول القابلة قامت بضرب حقنة «الطلق الصناعي» التي جعلت «حياه» ذات الاربعة عشر ربيعا تضع مولودها في الحال الأمر الذي تسبب في تمزق الرحم .. وبعد فرحة الأهل بالمولود الجديد لم يلبثوا سوى ساعتين بعد الولادة ليفاجاوا بالأم التي وضعت الطفل تعاني من مضاعفات شديدة نتيجة الولادة والحمل التي عرف بعد ذلك بإصابة الأم بالتسمم الحملي .. وذلك حسب أفاده أخصائيه نساء وولاده الدكتوره افراح الصعيدي التي أكدت إصابه هذه الطفله التي أصبحت أما خلال تسعة أشهر من زواجها المبكر بالتسمم الحملي والذي ادى الى وفاتها.
حصلت هذه الواقعة في احدى مديريات محافظة المحويت وبالتحديد مديرية جبل المحويت في قريه «مذبه» القريبه جدا من قرية اهل الطفلة حياة حيث لا تبعد عن قريه زوجها سوى كيلو متر واحد فقط .. ونتيجة لهذا القرب فقد بلغ خبر الولادة الى اهل «حياة» الذي حضروا الى بيت الزوح من أجل الوقوف إلى جانبها في هذه الظروف الصعبه وهذه ضمن العادات والتقاليد الخاصه بالمنطقة، وبالفعل حضروا وعايشوا هذه المأساة كامل.
جهل القابلة
ووفقا للاخصائية افراح فان جهل القابله ايضا في تشخيص معاناة الام وتسرعها في اعطاءها حقنة الطلق الصناعي جعل الأم تضع مولودها قبل الاوان وتسبب وبإصابتها بالتسمم الحملي، كما تسبب ايضا في تأخر الأسرة عن استئجار سيارة لاسعافها لاقرب مستشفى.
اخطار الزواج المبكر
واكدت الدكتورة افراح الصعيدي إن معظم الفتيات اللاتي يتزوجن في سن مبكر معرضات اكثر من غيرهن للاصابة بالتسمم الحملي الذي يؤدي للوفاه ان لم يتم التدخل في الوقت المناسب .. مشيرة الى ان هناك الكثير من الاحصائيات تؤكد حدوث الكثير من الوفيات في اوساط الفتيات اللاتي يتزوجن في سن مبكره جراء تردي الاوضاع الصحية في المحافظة، وسوء الوضع المادي لدى الكثير من الاسر اليمنية مما يجعل لديهم صعوبه في التدخل في الوقت المناسب والتي منها: «إحضار الام قبل الولادة الى اقرب مستشفى في الوقت المناسب - والامتناع عن زواج الصغيرات في سن مبكرة».
اسباب تفشي الظاهرة
وارجعت الدكتورة افراح الصعيدي زواج الفتيات في سن مبكرة راجع لعدم وجود مدارس البنات في الريف اليمني، وغياب المعلمات ايضا، الى جانب ان الامية في اوساط اولياء الامور والعادات والتقاليد كانا من الأسباب الرئيسة التي تدفعهم لتزويج بناتهم في سن مبكرة، اذ انهم يجهلون مخاطر هذه الظاهرة وتبعات الحمل في سن مبكرة الذي تؤدي في اغلب الحالات الى الوفاه خصوصا الحالات التي لا تكون ولادتهن في المستشفيات .. كما ان الفتيات اللاتي يتم اسعافهن في أغلب الأحيان تكون ولادتهن عن طريق العمليات القيصريه بسبب ضيق الرحم والخوف من تمزقه اثناء الولادة.
تزايد الظاهرة
وقالت الدكتورة افراح الصعيدي: وتشير الاحصاءات التي سجلت من قبل «منظمة رؤيا امل، ومؤسسة بناء، ومنظمة الصحة العالمية» التي تدخلت في كثير من مستشفيات مديريات محافظة المحويت ومديريات اليمن بشكل عام والتي ساهمت في التخفيف عن كثير من الاسر وذلك عن طريق التكفل بشكل مجاني بتكاليف العلاج والعمليات مع الفحوصات .. مؤكدة ان ماتراه من تزايد حالات الوفاه بعد الولاده او قبلها لن يتم الحد منه الا بزياده المعونات والمساعدات الانسانية، وتشجيع الفتيات على الالتحاق بالتعليم وبناء المدارس المستقله الخاصة بالاناث مع توفير المعلمات وتوعية الاهالي في الارياف بمخاطر الاقدام على تزويج الفتيات في سن مبكرة ، مع تفعيل القوانين التي تحد وتجرم من يقدم على تزويج ابنته في سن مبكرة مع زياده التوعية بخطورة زواج الصغيرات.
الحقن بالمهدئات
واضافت الدكتورة افراح الصعيدي: كل ما سبق وتحدثنا عن قصة الطفلة «حياة» التي عانت الام شديده جدا قبل الولادة الأمر الذي جعل القابله تقوم بحقنها بالمهدآت التي لم تجدي نفعا، كما أن تأخر الولاده التي حصلت قبيل المغرب لم يجعل اهلها يقومون باستدعاء سياره من أجل اسعافها لان الوقت كان متأخر.
الخوف من الخسارة المادية
ونتيجة للوضع المادي الصعب الذي تعانيه الاسرة عمد اهل الطفلة حياة لاستدعاء القابلة الاي رأوا انها ستكفيهم عن خسارة الاسعاف وتكاليف المستشفى .. خصوصا انها طمانتهم بعد الولادة ان حالة الفتاة ستتحسن بعد مرور الوقت، الا انه كلما تقدم الوقت كانت الآلام تزدادا شيئا فشيئا مما جعل الاسرة تبحث عن سياره عند منتصف الليل، الا نهم لم يتحصلون على السيارة حينها الانر الذي اضطرهم للانتظار حتى الصباح، في حين الفتاة تحتضر، وقبيل الفجر بساعه واحد هدأت حياه فاستبشر الاهل خيرا الا ان هدوءها ذاك كان ايذانا برحيلها ووفاتها .. وهو الانر الذي نزل على الاسرة كالصاعقة.
معاناة والد الفتاة
والد الطفلة «حياه» الحاج احمد رجل كبير في السن حيث يبلغ من العمر 70 عاما ويعاني من ضروف معيشية صعبة حيث انه لا يستطيع العمل نتيجة أصابته بالعديد من الامراض .. كما انه لا يستطيع شراء الادويه او القيام بإجراء الفحوصات الطبية لتفقد حالته الصخية نتيجة الفقر الذي يعيشه.
عدم القدرة على العمل
يقول الحاج احمد انا لا استطيع العمل ولدي اسره كبيره، مكونه من تسعه افراد معظمهم اطفال وليس لدي القدره، على شراء كل احتياجاتهم الضروريه من المواد التموينيه، والمعيشه صارت في ظل الظروف الراهنة صعبه للغاية .. حيث اننا نعيش حاليا على سله غذائيه تجود بها منظمه الغذاءالعالمي كل شهرين وتتكون من كيس من القمح مع ثمانيه لتر زيت وخمسه كيلو حمص و2 كيلو سكر فقط.
الفقر والطمع في المهر
ويضيف الحاج أحمد: هذا الوضع البائس جعلني ارضخ للموافقه على تزويج ابنتي التي لم تتجاوز الـ14 عشره ربيعا، كما رضخت سابقا في تزويج ابنتاي اللتان قمت بتزويجهما وهما في نفس السن
وطبعا انا لست الوحيد في قريتي التي اقوم بتزويج ابنتي وهن بهذا السن الصغير، بل ان هناك المئات من البنات التي يتم تزويجها في القرية والقرى المجاوره وهن صغيرات، والسبب في ذلك راجع الى الفقر والخوف عليهن ..
الى جانب صعوبه القيام بواجبهن والتكفل بمصاريفهن .. الجميع هنا في هذه المناطق يلجأون إلى تزويج بناتهم من المغتربين للفائدة المالية التي تعود على اولياء الامور جراء تزويج بناتهم.
الحمل المبكر
واستطرد الحاج احمد والد الطفلة «حياة»: بعد ذهاب إبنتي الى بيت زوجها حملت منذو الوهله الاولى وماهي الا تسعة اشهر بعد زواجها الا وابنتي حياه ذات الاربعة عشر ربيعا تشعر بألام المخاض والولاده وظلت على هذا الحال قرابة اسبوع كامل ولإنعدام الخدمات الصحية في قريتنا وصعوبه نقلها إلى أقرب مستشفى او مركز صحي، ولان عملية اسعافها ستكلفنا أو يدفعنا لبيع احدى المواشي التي تعتمد عليها في غذائنا اضطررنا نسلم أمرنا لله تعالى بأن يجبر بخواطرنا جميعا وان يحفظ لنا ابنتنا.
تدهور الحالة
وتابع الحاج احمد حديثه: تم الاستعانه فيما بعد بالقابله الصحيه الوحيده في قريتنا والتي كلفتنا عملية إحضارها مبلغ ١٥ الف ريال كمستحقات للإشراف على الولادة، وقد ظلت ابنتنا تتألم وتتوجع، لتقوم القابلة حينها بإعطائها ابره الطلق التي بعدها حصلت الولاده وخرج المولود الذي فرح به الجميع .. وعلت اصوات الزغاريد في منزل زوجها وبعد الولاده بساعتين ساءة حالة الام التي وضعت مولودها قبل ساعتين .. وحينها سألنا القابله عن الاسباب التي جعلة الام «حياه» تتألم وتتوجع قالت الموضوع طبيعي ولا داعي للخوف فهذي عباره عن آلام اعتياديه تمر بها جميع الامهات اللاتي تضع مولودا جديد.
حماقة القابلة
واضاف الحاج أحمد والد «حياه»: بعد ذلك زادت الآلام اكثر فأكثر، فقمنا بإستدعاء القابلة مرة اخرى وقامت بإعطاءها ابرة مهدئة، وقالت اتمنى التوقف عن ازعاجي لانه لدي بنات واريد ان انام والوقت الان متأخر .. وكان الوقت حينها بعد منتصف الليل والألام تزداد اكثر فأكثر .. حيث كانت «حياه» من شدة وجعها تقوم بضرب رأسها على الجدار ونقوم بمنعها فتدق الجدار برجليها بسب الآلام التي كانت تشعر بها جراء إصابتها بالتسمم الحملي الذي لم نعلم عنه إلا بعد موتها وفراقها لنا.
الشعور بالعجز
واختتم الحاج احمد حيثة بالقول: نحن لم نكن نعلم الاسباب التي جعلتها تتألم وتتوجع .. وبصراحة احسسنا حينها بالعجز والضعف امام ما تعانيه ابنتنا، كما انتابنا شعور باليأس جراء ما لاقته ابنتنا
وتمنينا ان نحملها الى اقرب مستشفى ولكن كيف لنا بسياره تسعفها بعد منتصف الليل، لذلك فوضنا امرنا لله .. واضاف: طفلتنا «حياه» لم تتحمل العذاب الذي لاقته قبل الولاده وبعدها، لذلك ففاضت روحها بعد معاناه شديدة وطويلة .. نعم ماتت «حياه» لعجزنا عن اسعافها واخذها في الوقت المناسب لاقرب مستشفى.
العادات والتقاليد
من جانبها تؤكد الاخصائية الاجتماعية فاطمة العقبي ان ظاهرة تزويج الاطفال من الجنسين راجع الى العادات والتقاليد التي تعود عليها المجتمع القبلي والريف عامه .. الى جانب تفشي حالة الفقر التي يمر بها الكثير من الاسر مما يجعلهم يقومون بتزويج الفتيات ذات العشر سنوات وما فوق دون مراعاة لفارق السن بينها وبين من يتزوجها .. مشيرة الى ان هذة الظاهره تزايدت في السنوات الاخيرة لتشمل ما يزيد عن الـ50% من الفتيات .. وذلك يرجع إما لخوف الاسره على البنت او للفقر الواقع على الاسره، وحاجتهم لتسديد ماعليهم من ديون.
سوء الاوضاع المعيشية
واوضحت العقبي ان هناك العديد من اولياء الامور يلجأون لتزويج بناتهم للتخلص من تبعات بقاءهن في المنزل لان بقاءها يمثل عبء على كاهل الاباء .. مشيرة الى ان استمرار الحرب وسوء الاوضاع الاقتصاديه الصعبه التي تمر بها اليمن جعل الكثير من هذه الاسر تفقد مصدر رزقها، مما جعل الكثير منهم يلجأون لبيع مقتنياتهم او حتى اراضيهم التي كانت تمثل مصدر عيشيهم.
عمالة الاطفال
واشارت الاخصائية العقبي الى ان البعض الاخر من الناس قام بإخراج اولاده من المدارس ودفع بهم للعمل اما في جمع المخلفات البلاستيكيه او اعمالا بالاجر اليومي لدى مالكي مزارع القات، لان الاطفال مرغوبون لدى اصحاب مزارع القات كون تكاليف تشغيلهم قليله مقارنة بكبار السن الذين يطلبون اجور مرتفعه ويحتاجون مصاريف اكثر من صغار السن.
الحرمان من التعليم
بدوره يقول الاستاذ جميل حسين رئيس قسم التوثيق بإدارة الاعلام والنشر التربوي بمحافظة المحويت: بأن عدد الفتيات اللاتي يتسربن من المدارس يصل لاكثر من سبعون بالمائه 70٪ من اجمالي عدد الفتيات في المحافظة بشكل عام، هذا بالنسبه للريف بشكل عام ان لم يكن اكثر من ذلك فالغالبيه العظمى من أولياء الأمور يكتفون بتعليم بناتهم حتى الصف السادس الاساسي فقط.
وارجع جميل حسين اسباب ذلك الى رغبة الاهل في تزوبج الفتيات في سن مبكره جدا، الى جانب عدم توفر المعلمين او بالاصح المعلمات، ورفض الاهالي لفكرة الاختلاط في المدارس وعدم وجود مدارس خاصه بالاناث، بالاضافة الى بعد المدارس عن القرى، وكذا فقر الكثير من الاسر التي لا تستطيع توفير متطلبات المدرسة .. مؤكدا ان هذه الاسباب تعد جزء من المعوقات التي تحول دون تعليم الفتيات في الريف اليمني بشكل عام والذي يجعل مسألة تزويجهن من الامور المسلمة.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر