- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
في كثير من الأحيان يصعب على المرء العودة إلى زمن وحقبة تاريخية عُوصرت فيها الكثير من المتحولات والمتغيرات، بل يصعب معها أيضاً استحضار الذاكرة أو المعلومات للكتابة عن شخصيات تاريخية مخلدة يشهد عنها التاريخ والثورات النضالية المجيدة.
وبمناسبة ثورة الـ 14 اكتوبر يتذكر "الأحرار نت" هنا في هذه السطور سنعرج عن شخصية قلما ما نوصفها بأنها تاريخية وسنستحضر ذكريات غائبة وربما منسية لدى البعض فإلى ما تحصلنا عليه:
أدوار بطولية
كان المناضل البارز والقيادي اللامع في الحركة الوطنية وتجربة الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر الفقيد الكبير الأستاذ عبدالله الخامري من الرجال الذين أسسوا حركة القوميين العرب في أواخر الخمسينات وساهم بدور بطولي في تحضيرات الثورة اليمنية في شمال الوطن وتفجير الثورة المسلحة في جنوبه.
يعد من أوائل الذين أسهموا في وضع اللبنات الأولى للحركة النقابية وقد تبوأ الفقيد مركزاً مرموقاً وقيادياً في القيادة العامة للجبهة القومية إحدى أهم أدوات الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني والدفاع عن الثورة اليمنية بصورة عامة.
كما أنه تبوأ أعلى المراكز الرسمية في الدولة الوليدة حينها وكان وزير في أكثر من تشكيل حكومي، وكان من مؤسسي مجلس السلم والتضامن اليمني حيث شغل نائب أول لرئيس المجلس إثر قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م وشغل مركز مستشار لمجلس الرئاسة.
يعد من الأبطال والمفكرين الذين وهبوا حياتهم لحماية الثورة في الشمال والانتصار لها في الجنوب حتى تحقيق الاستقلال الوطني وظل مخلصاً للوحدة اليمنية في كل مراحل حياته.. كما أنه كان من القيادات المؤسسة للحزب الاشتراكي اليمني في طول اليمن وعرضها.
وظهر في الستينات كقائد وطني بارز ومناضل ثوري جسور مع ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر المجيدتين مع تلك التحولات العميقة التي أحدثتها الثورتان في المجتمع الاقطاعي والبنية التقليدية ومع تلك المنعطفات الحادة التي شهدها الوطن اليمني في معارك الدفاع عن خط الثورة اليمنية وصياغة مكتسباتها الثورية ومع تحقيق المنجز التاريخي والحضاري لوحدة الشعب اليمني ارضاً وانساناً وقيام وطن 22 مايو عام 1990.
بصمة حاضرة
كانت بصمات الخامري حاضرة في كل الحوارات واللقاءات والاتفاقيات لقيام الجمهورية اليمنية على مدى عدة أعوام.. حيث أسهم بقسط كبير في التأسيس للحدث التاريخي العظيم (الجمهورية اليمنية) في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
وقد حظي بحب وتقدير كبيرين من قبل كافة المواطنين لما يمثله تفكيره من بعد نظر وأخلاق عالية وتواضع في السلوك ومثل كتلة من النشاط الدؤوب في كافة مجالات الحياة وعنصراً فاعلاً في التغيير نحو الآفاق الرحبة من التقدم والنمو والازدهار للوطن اليمني.. وكان من ضمن كوكبة من الثوريين من جيل الخمسينات والستينات الذي كرس حياته ونشاطه وفكره لإحداث التغيير الثوري في المجتمع اليمني حيث مثل هو ورفاقه بصدق ملحمة تاريخية للشرعية الثورية في التعبير السياسي وإعادة صياغة الحياة الجديدة للإنسان اليمني بشخصيته المتكاملة والمنسجمة مع معطيات العصر وتقدم المجتمعات.
وكان ممن يعملون بصمت وحينها أختار تنظيم حركة القوميين العرب وأصبح عضواً فيه حتى بدأ يشق طريقه في العمل السري والنضال التحرري والوحدوي، حينها كان الحماس الوطني بلغ ذروته في منطقة عدن بعد أحداث 1965م وتركز نشاطه في أوساط الشباب من عمال وطلاب في النقابات والنوادي والجمعيات حيث يتوفر الكفاح للعمل الوطني للنضال والتحرر من الاستعمار البريطاني في الجنوب واسقاط حكم الامامة في الشمال.
إسهامات نضالية
له العديد من الاسهامات في النضال الوطني فقد نشرت له كتابات تحت وثائق الجبهة القومية حينها وهي:-
* أضواء على آخر تطورات الوضع في المنطقة
* من وثائق الجبهة القومية.. القضية الوطنية كما نفهمها
* مفهوم الجبهة القومية الثورية وأساليب عملها
* حول عملنا النضالي في الداخل الأول
وهناك من وثائق الجبهة القومية حياة التنظيم السرية للقوانين العامة والخصائص المحلية للثورة الوطنية الديموقراطية وكتابات أخرى..
إشادة بن دغر بالمناضل عبدالله الخامري
وفي كلمة رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، اليوم، في العرض العسكري المهيب الذي أقيم في الكلية العسكرية بصلاح الدين في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، أشاد بالمناضل عبدالله الخامري، باعتباره أحد كبار رجال الثورة والدولة.
وفي سياق كلمته قال الدكتور بن دغر: "إن دماء لبوزة، وعبود، ومدرم، وفتاح، وعنتر، ومصلح، وشائع، وسعيد صالح، وصالح منصر، إن دماء هؤلاء وتضحيات زعماء الثورة قحطان الشعبي، وفيصل عبداللطيف الشعبي، وسالم ربيع علي، وعبدالفتاح إسماعيل، ومحمد علي هيثم، ومحمد صالح مطيع، وعبدالله الخامري، وعبدالله باذيب، وعبدالعزيز عبدالولي، ومحمد أحمد سلمان، وعلي السلامي، وفيصل بن شملان، وجار الله عمر، وسلطان أحمد عمر وغيرهم ممن يواصلون مسيرة النضال والثورة، فقد عاشوا جميعاً لوطن حر، وطن موحد، وطن يرفع عالياً راية الإسلام والعروبة، وطن يؤمن بقيم العدالة والمساواة والأخوة الصادقة، تلك هي مبادئ هؤلاء جميعاً عاشوا لها، وناضلوا من أجلها، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. فلن نبدل نحن، ولن نخذلهم، ولن نحيد عن أهدافهم ومبادئهم قيد أنملة".
لفتة تاريخية تذكر
بعث فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي برقية عزاء لأسرة الفقيد أبان تلك الحقبة التاريخية قال فيها: الأخوة أبناء وأفراد أسرة الفقيد الراحل الأستاذ عبدالله الخامري المحترمين/ تلقينا ببالغ الحزن والأسف نبأ وفاة والدكم المناضل الكبير الذي يعد أحد أبرز المناضلين الوحدويين ورائداً من رواد الثورة اليمنية الخالدة الذين دافعوا عن قيم الثورة وروحها وتحمل بصبر وعطاء مع زملائه شرف تجنيد إرادة شعبنا في التحرر والانعتاق والوحدة.
وأضاف فخامته: " إن الفقيد المناضل الذي مثل رحيله المفاجئ خسارة وطنية كبيرة كان رحمه الله مناضلاً وحدوياً جسوراً له اسهاماته البارزة وعطاءاته السخية من أجل الوحدة. كما كان له دوره البارز في خدمة القضايا الوطنية..
وأنني إذ أبعث لكم بالتعازي الحارة وعميق المواساة في هذا المصاب وأسأل الله العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهمكم جميعاً الصبر والسلوان.
الخامري في سطور
- من مواليد عدن (مدينة الشيخ عثمان) تاريخ 2 يونيو 1936م
- درس في مدارس عدن وأنهى دراسته في مدرسة البادري
- سافر أواخر الخمسينات الى السعودية وعمل هناك مدرساً
- عمل موظفاً في مطار عدن ثم محاسباً في شركة (أرين إيروز) في الستينات
- ألتحق عضواً مؤسساً بحركة القوميين العرب ثم في الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وكان مسؤولاً عن مكتب الجبهة في القاهرة
- كان مرشداً سياسياً لقوات جيش التحرير خلال مرحلة الكفاح المسلح في الجنوب
- شغل مناصب تنظيمية قيادية منها عضو اللجنة التنفيذية ( المكتب السياسي ) ومسؤولاً للتنظيم في عدن (68 – 81) وعضو المكتب السياسي (80 – 96 )
- تبوا مناصب قيادية منها: رئيساً لمحكمة أمن الدولة العليا ( مارس 68 – مارس 72 ) ووزيراً للإعلام (96 – 74 ) ووزيراً لشؤون مجلس الوزراء للفترتين ( 74 – 76 ) و (79 – 80 ) وممثلاً شخصياً لرئيس مجلس الرئاسة لشؤون الوحدة اليمنية.
- غادر منتصف السبعينات إلى الاتحاد السوفيتي للدراسة وحصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة التاريخ عام 1979م من أكاديمية العلوم الاجتماعية
- كان رئيساً لمجلس السلم والتضامن اليمني في جنوب الوطن وعقب قيام دولة الوحدة أصبح النائب الأول لرئيس المجلس الموحد ومستشاراً في رئاسة الجمهورية بدرجة نائب رئيس الوزراء
- له العديد من الكتابات السياسية والفكرية في بعض الصحف والمجلات اليمنية والأجنبية وعرف في إطار الحزب الاشتراكي اليمني كأبرز مثقفيه وقد نال وسام 22 يونيو (1981) وميدالية 20 يونيو (1985) ووسام ثورة 14 أكتوبر أعلى وسام في الجنوب سابقاً (1988).
الرحيل الصادم
شكل رحيله صدمة لكل الذين عرفوه سواء اتفقوا أو اختلفوا معه في الرأي حيث وصف الكثيرون رحيله عن عالمنا بالرحيل الصامت وعناوين كثيرة كان أبرزها (عبقاً عاش وريحانا رحل) ، ( مناضل من الرعيل الأول) ، (رحيل الخامري إثر نضال مديد وألم مرير) ، (الرجل الصامت) ، (كان عبقرياً في إنسانيته)..
ودعت اليمن المناضل عبدالله أحمد الخامري مرتان الأولى كانت عام 1982م عندما سقط متأثراً بالجلطة فشلت حركته كلها جسداً وروح.. عقلاً وفكراً..
والثانية عندما رحل عن الحياة وعن العالم أجمع ووري جثمانه الثرى بعد عصر الاثنين 24 مارس 1996م
كانت ظروف الوداع في الثانية فصلاً مؤثراً لمواقف تاريخية فأختار أن يكون وداعه كشف حساب وتصويراً لما أثمره الصراع الدامي والدرامي بين (الرفاق) بين ضمير المناضل وغابة السلطة.
هذا النموذج الفريد من جيل الثورة قد رحل ولم يترك لنا صنواً له.. آمن بأن الإنسان سيد مصيره وأن حقوق الإنسان فوق أي شيء آخر..
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر