- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور أحمد عوض بن مبارك "إن محافظة مأرب بما تمثله من عمق تاريخي لليمن أضحت اليوم تمثل عمقا وطنيا واستراتيجيا، وينسى الكثيرون أن هذه المحافظة هي التي كسرت الحوثيين في 2015 بمقدرات قتالية أكثر تواضعا هي أقدر اليوم، وقد أصبحت ملاذا لليمنيين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم الاجتماعية والسياسية وبعد أن بلغ عدد سكانها 4 ملايين إنسان ملتحمين بجيش مسلح بعقيدة وطنية وإرادة صلبة لا تنكسر، على إنهاء المشروع الحوثي ودفنه في صحرائها.
وأوضح "ان ملامح المشروع الايراني في المنطقة قد اصبحت واضحةً للعيان، وأن الميليشيات المدعومة منه باتت تهدد أمن الجزيرة العربية لتنفيذ أجندة تخريبية".
جاء ذلك في الكلمة التي القاها ، اليوم، في مؤتمر الامن الاقليمي (حوار المنامة) والذي تستضيفه العاصمة البحرينية المنامة.
وفيما يلي نص الكلمة :
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة.
بداية أود أن أتقدم بالشكر والتقدير لمملكة البحرين على كريم الضيافة وحسن الاستقبال ولأخي معالي الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية وفريقه الرائع والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS على حسن الترتيب والتنظيم لانعقاد أعمال هذا المؤتمر الهام والذي نتطلع من خلاله الى تقديم صورة واضحة للتحديات الأمنية التي تواجهها اليمن وانعكاس ذلك على المنطقة، والاستفادة من الرؤى والأفكار للسادة المشاركين في هذا المؤتمر.
أوشكت الحرب في اليمن على استكمال عامها السابع منذ أن اشعلتها مليشيا الحوثي على الشعب اليمني بعد الانقلاب على السلطة الشرعية. ولا تكمن خطورة الحرب في سعى مليشيا الحوثي للاستحواذ على السلطة فحسب وانما في تغيير طبيعة المجتمع اليمني وتفخيخ مستقبله ومستقبل المنطقة من خلال تجنيد الأطفال على نطاق واسع وزرع أفكار دخيلة في عقول النشئ للتحريض على العنف وادامة الصراع ونشر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وتجاه الآخر المختلف فكريا وحضاريا.
هذا بالإضافة الى تعمد تجهيل المجتمع ليسهل السيطرة على مكوناته والعمل على افقاره واستغلال حاجته لتجيشه في الحروب، كل ذلك وفر بيئة خصبة لجعل اليمن احد اعمدة الاستراتيجية التوسيعية لإيران في منطقتنا، لقد أصبحت ملامح المشروع الايراني واضحة للعيان وأصبحت ميلشياته تحيط بالجزيرة العربية مسلحة بإمكانات عسكرية نوعية فاتسع نطاق الخطر وتوسع مداه، ومما لاشك فيه فأن انكسار المشروع الإيراني في اليمن سيضمن إفشال المشروع الايراني في المنطقة برمتها ونجاحه في اليمن سينقل ذلك المشروع الى طور جديد للصراع ودوامة أخرى من العنف والفوضى.
وسأسعى في كلمتي هذه الى توضيح أين نقف اليوم، وما هي رؤيتنا لتحقيق السلام في اليمن.
أصحاب المعالي والسعادة
تعتبر محافظة مأرب في هذه المرحلة من الحرب محط أنظار المتابعين للشأن اليمني، فمنذ نوفمبر الماضي تشن مليشيا الحوثي عدوانا مستمرا ضد محافظة مأرب محملة بالكثير من الضغائن والأحقاد التي لا تقل حجما عن الوهم الذي تحمله المليشيا بإمكانية إسقاط المحافظة عسكريا، ناهيكم عن الوهم الأكبر بإمكانية السيطرة على اليمن بالعنف والإرهاب والقوة العسكرية.
إن محافظة مأرب بما تمثله من عمق تاريخي لليمن أضحت اليوم تمثل عمقا وطنيا واستراتيجيا، وينسى الكثيرون أن هذه المحافظة هي التي كسرت الحوثيين في 2015 بمقدرات قتالية أكثر تواضعا مما هي عليه اليوم، وبعدد سكان لا يتجاوز 350 ألف نسمة، وهي أقدر اليوم، وقد أصبحت ملاذا لليمنيين بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم الاجتماعية والسياسية وبعد أن بلغ عدد سكانها 4 ملايين إنسان ملتحمين بجيش مسلح بعقيدة وطنية وإرادة صلبة لا تنكسر، على إنهاء المشروع الحوثي ودفنه في صحرائها.
وبالرغم من ذلك يستوجب الإشارة الى وجود حسابات خاطئة لدى بعض الأطراف التي بدأت تتحدث عن سيناريو ما بعد مأرب، وإذا ما خضنا جدلا في هذا السيناريو الذي لا نعتبره واقعيا فإن الرؤية الفاحصة للأمر تقودنا الى أن مألات استيلاء الحوثيين على مأرب لن تقل سوءً عن أثر تهدم سدها الشهير تاريخياً، فمارب اليوم هي السد المنيع لليمن والأمة العربية، وأصبحت ضمن الأولويات الاستراتيجية للنظام الإيراني وأدواته في المنطقة.
إن تداعيات سقوط مأرب لن يمثل خلق حالة إنسانية مروعة فحسب، بل إن ذلك سيمثل نهاية للعملية السياسية والسلام في اليمن وللجهود التي تبذل لاستعادة الامن والاستقرار، وستعم الفوضى ومزيدا من العنف والاحتراب الداخلي وموجات الهجرة ، وبداية حالة طويل الأمد من عدم الاستقرار تؤذن بحروب أخرى ستتخذ من اليمن منطلقا لها الى باقي المنطقة.
السادة الحضور
إن رؤيتنا ومنهج عملنا في الحكومة اليمنية يقوم على أنه لا بديل عن السلام في إنهاء الحرب في اليمن وان أي سلام عادل وشامل ومستدام لابد أن يعالج الجذور السياسية للحرب، والمتمثلة في محاولة مليشيا الحوثي فرض سيطرتها وهيمنتها بالقوة على الدولة اليمنية، وبالرغم من التدخل الإيراني الهدام في الشأن اليمني ودعمها لمليشيا الحوثي عسكريا وتمويلها لآلتها الحربية إلا أن التعامل مع الحرب في اليمن على أنها حرباً إقليمية بالوكالة مفهوم خاطئ ينبغي أن يصحح. فلا تسوية سلمية في اليمن يمكن أن يكتب لها النجاح دون اتفاق اليمنيين على حل مشاكلهم الداخلية وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والتوزيع العادل للسلطة والثروة ، الا انه في الوقت ذاته سيكون من الخطأ اغفال البعد الجيوستراتيجي للتدخل الايراني في اليمن ورغبتها الاكيدة في الاقتراب من المياه في البحر الاحمر والبحر العربي وما سيضيفه ذلك من تفوق استراتيجي لصالح ايران في معادلة الصراع بل والتنافس الاقليمي والدولي ، ومن نافلة القول بان الاستثمار الايراني في الحركة الحوثية قد ابتداء باكراً وتعاظم في مطلع الالفية الثانية وما حادثة ضبط السفن الايرانية جيهان ١ وجيهان ٢ وهي في طريقها للحوثيين في العام ٢٠١٢ اي قبل الحرب بثلاث سنوات من قبل البحرية الامريكية وهي محملة بالأسلحة والصواريخ الا دليل على ذلك ورداً على من يدعون بان الحرب الحالية هي من استدعت التدخل الايراني في اليمن.
ومن المفاهيم الخاطئة أن الحوثيون يرفضون السلام كلما تقدموا عسكريا على الأرض والحقيقة أنهم يرفضون السلام كمبدأ استراتيجي سواء تقدموا أو تراجعوا عسكريا، ويتعاملون مع السلام كتكتيك ضمن استراتيجيتهم العسكرية في هذه الحرب، ولدينا العشرات من الشواهد على ذلك وأكثرها وضوحا اتفاق ستوكهولم والذي قبلت به مليشيا الحوثي في ديسمبر 2018 دون تنفيذ بندا واحدا من بنوده ثم انقلبت عليه ونقضته كليا على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي في الحادي عشر من نوفمبر 2021 باحتلالها لمدينة الحديدة عندما سنحت لها الفرصة بذلك بدلا من الانسحاب منها بحسب تعهدها بموجب الاتفاق.
إن إدراك هذه الحقيقة يساعد على فهم المقاربة المناسبة لتحقيق السلام مع جماعة لا تبني حساباتها على حقائق ووقائع، بل على فكر ثيوقراطي يقوم على وهم الادعاء بالحق الإلهي بالحكم وهو العقبة الكأداء التي افشلت كل ما تم التوافق عليه في كل جولات السلام بدأ من جنيف الى الكويت وحتى استوكهولم.
وبالأخذ بالاعتبار تلك الحقيقة الواضحة فإن اهم اختبار تواجهه مليشيا الحوثي وترفضه باستمرار هو القبول بوقف شامل لإطلاق النار كأهم خطوة إنسانية يجب اتخاذها ليتم بعدها معالجة كافة القضايا الإنسانية الأخرى ثم الذهاب الى مفاوضات الحل السياسي الشامل.
ونعتبر أن تماسك وتوحد كل القوى السياسية المعتدلة والمناهضة للمشروع الايراني في اليمن هو المتطلب الاول لفرض معادلة جديدة على الارض تدفع باتجاه تحقيق تسوية سياسية مما يجعل استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وعلى وجه الخصوص الملحق الأمني والعسكري، ركيزة أساسية لتحقيق السلام والاستقرار. كما أن الدعم الاقليمي والدولي للحكومة اليمنية في التغلب على التحديات الاقتصادية الماثلة أمامها ومعالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز الشراكة في الجوانب السياسية والاقتصادية والإنسانية المرتبطة بالأزمة اليمنية سيمكن الحكومة من الحفاظ على اليمن المعتدل الذي يجمعه بالعالم قيم ومبادئ إنسانية مشتركة، وننوه بأهمية استمرار وتضافر الجهود والتنسيق بين دول الإقليم والعالم للضغط على ايران لوقف أنشطتها التخريبية في اليمن حتى تنعم منطقة الشرق الاوسط بالأمن والسلام والاستقرار.
أصحاب المعالي والسعادة
إن تحقيق السلام في بلادنا كفيل بتحجيم المليشيات ومعالجة جميع النتوءات والتشوهات التي أحدثتها في المجتمع اليمني الأمر الذي يدعونا للتعامل بمرونة مع كافة المبادرات والمساعي الرامية لتحقيق السلام بما يتسق مع ثوابتنا الوطنية ومرجعيات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم واستعادة الامن والاستقرار في اليمن.
ولا يمكن لي أن أختم مداخلتي دون الاشارة للخطر البيئي الكارثي الذي يتوقعه الجميع دون بذل جهد حقيقي لتجنبه، فخطر تسرب أكثر من مليون برميل من النفط الخام مخزونة منذ سبع سنوات في الناقلة النفطية صافر يعد كارثة حقيقية ستدمر البيئة البحرية لليمن والاقليم وستمتد آثارها للعالم ، ولازال الحوثيين يحتجزونها كرهينة ويرفضون السماح لفريق الامم المتحدة لصيانتها.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر