- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
مرة أخرى يبرهن الدكتور أحمد عبيد بن دغر على مقدرة نادرة في التعاطي مع المشاكل شديدة التعقيد كالتي رأيناها في أرخبيل سقطرى، الذي شهد توتراً خطيراً نتيجة قيام الإمارات بعملية إنزال عسكرية مستفزة للكرامة اليمنية بينما كان رئيس الوزراء يقوم بزيارة روتينية للأرخبيل.
رسَّخ بن دغر صورته كزعيم وطني في مرحلة حساسة ومضطربة وتسودها التجاذبات والاتهامات التي طال جزء كبير منها مكانة بن دغر ودوره وموقعه في السلطة الشرعية من أطراف في الشرعية ومن الإمارات نفسها.
فقد استطاع أن يواجه مخططاً واضحاً من جانب أبوظبي لتكريس نفوذها في سقطرى والتعامل معها باعتبارها جزء من الإمارات، وهو توجه ليس منفصلاً أبداً عن التوجهات الثابتة للتحالف الذي طور موقفه حيال اليمن من إزالة الخطر الذي يمثله الحوثيون المرتبطون بإيران، إلى إضعاف السلطة الشرعية والشروع في إعادة هندسة الوضع الجيوسياسي مدفوعاً بإغراء الهيمنة التي بدا ان تحقيقها سهلا بالنسبة له.
ثَبُتَ الدكتور أحمد عبيد بن دغر على موقفه الوطني المشهود، متسقاً مع موقف مماثل للرئيس عبد ربه منصور هادي وإن كان هذا الأخير قد اختار التصرف بعيداً عن التصريحات والمواقف المعلنة.
بقي رئيس الوزراء في أرخبيل سقطرى وقاوم صلف أبوظبي العسكري وتحصن بخياراته الوطنية وبالالتفاف الشعبي الواسع حول هذه الخيارات في الأرخبيل، وساهم ذلك لا شك في تعرية السلوك المتهور للإمارات وأجبر التحالف على إنهاء المشكلة.
كان كل من رئيس الجمهورية ورئيس وزرائه يدركان جيداً أن المواجهة مع الإمارات تعني المواجهة مع التحالف الذي يقوم بأكبر عملية عسكرية في اليمن، وبوسعه أن يغير من خلالها الحقائق على الأرض استناداً إلى فارق القوة العسكرية الهائلة المحسومة لصالحه ومع ذلك قررا الاستمرار في المواجهة.
أثبت بن دغر أن الوضع الضعيف جدا للحكومة اليمنية المشتتة في الأصقاع، يمكن أن يتحول إلى مصدر قوة إذا ما جرى التمسك بجوهر القضية، وهي حق السلطة الشرعية في ممارسة سيادتها على الأرض. إنها القوة الحقيقية الكامنة في هذا الضعف الظاهري للحكومة.
ودعوني هنا أن ألفت إلى أن زيارة رئيس الوزراء إلى أرخبيل سقطرى التي بدأت أواخر شهر ابريل/نيسان الماضي، قد مثلت نصف المعركة السياسية التي خاضتها الحكومة مع التحالف ونصف الحسم بالنسبة للسلطة الشرعية في مواجهة خصم قوي ومتعجرف.
فالزيارة كانت في تقديري اختياراً مقصوداً وموفقاً للساحة المثالية للمعركة مع أطماع التحالف التي ما كان لها أن تتوقف لو لم يحدث الذي حدث في سقطرى.
ما عسى التحالف أن يبرر أمام المجتمع الدولي عندما يواجه بحقيقة أنه يستعرض قواته العسكرية في مناطق النفوذ المستقر للسلطة الشرعية. مناطقُ تنأى كثيراً عن ساحة المواجهة الرئيسية مع الانقلابيين الذين جاء التحالف لدحرهم وتمكين السلطة الشرعية ليس أكثر.
لقد تمادت الإمارات في النيل من مكانة السلطة الشرعية، وعملت بدأب على النيل من القدرات العسكرية والأمنية للسلطة الشرعية، وساعدت ودعمت بناء تشكيلات عسكرية تتبنى الانفصال وتجاهر بمعاداة الحكومة الشرعية، ودفعتها أخيراً لخوض جولة مواجهات عنيفة مع وحدات الحماية الرئاسية بالعاصمة المؤقتة عدن بدعم من الأباتشي الإماراتي، وهي المواجهة التي انتهت بخروج رئيس الحكومة من عدن.
في تلك المواجهة عمل رئيس الوزراء ووزراء في الحكومة على تعرية المخطط الإماراتي وأضعفوا الموقف السياسي والأخلاقي للتحالف، وأخيراً عاد رئيس الحكومة إلى عدن وأصر على القيام بجولة في المحافظات والتي كان من ضمنها محافظة أرخبيل سقطرى.
كانت خاتمة المواجهات العنيفة في عدن قد عززت الموقف الإماراتي الداعم لمشروع الانفصال، لكن المواجهة السياسية التي خاضتها الحكومة بقيادة بن دغر في أرخبيل سقطرى انتهت بالتأكيد لصالح الحكومة، وألحقت هزيمة بالمشروع الإماراتي الذي يتعين أن تبقى الأعين مفتوحة عليه.
ذلك أن قدر الحكومة أن تبقي على شراكتها مع هذه الدولة التي تمضي قدماً في تقويض السلطة الشرعية الحالية في المسار العسكري المستقل عن إشراف السلطة الشرعية في الساحل الغربي للبلاد.
المقالات
كتابات وآراء
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر