من يصدق ان ثاني اكبر محافظة لديها أكبر قوة عسكرية تابعة لشرعية الرئيس هادي بعد مأرب ، غير قادرة على تحرير ما تبقى من أراضيها !! وهل من المعقول أن تعجز تعز على إنهاء الحصار المفروض عليها منذ أربعة اعوام وهي أكبر مخزون بشري في اليمن !! وكيف لأكبر قوة فكرية وإعلامية وثقافية أن تنقسم على نفسها وتخوض غمار معارك عسكرية وسياسية بين مكوناتها المختلفة الذين يفترض بهم ان يمثلوا جبهة واحدة لمواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية .
يا قيادات تعز ورجالها ، تعز تأن اليوم وتتوجع من الجراح والجوع والفقر والبطالة والدمار والتهجير ، والإنقسام الحاد داخل مكوناتها العسكرية والسياسية ، وتنقسم اليوم على نفسها قبل التحرير الكامل وإكتمال الحلم الجمعي لأبناء الحالمة ، وتوقفت على إثره معركة التحرير و تأخرت معركة الحسم كثيرا ، وتضاعفت معاناة تعز واهلها و أبصارهم شاخصة نحو السماء تنتظر إعلان الإنتصار وإنتهاء الحرب والحصار الحوثي الخانق منذ أربعة اعوام على عاصمة الثقافة اليمنية ورمز الحرية وفجر اليمن المشرق ورمز الصمود والتضحية .
قد لا تعلمون ما تعانيه تعز ، وحجم الكارثة التي يدفع ثمنها أبناء تعز ، ومقدار الوجع من السؤال اليومي المتكرر منذ أربعة اعوام من أطفالهم (متى ستنتهي الحرب في تعز؟؟) ، سؤال لم أجد له إجابة شافية انا ومئات الآلاف من الأباء في تعز ، ناهيك عن تحطم الآمال والأحلام التي علقها الآلاف من الشباب بإنتهاء الحرب ، أرتبطت حياتهم وتعلق مستقبلهم بإنتهاء الحرب في مدينتهم الحالمة ، فذاك اوقف أو توقف تعليمه وهذا تأجلت خطوبته وآخر زواجته واخر عمله او تجارته ، وبالتالي فإن مستقبل شعب و جيل بأكمله معلق على أمل الخلاص من الحصار والتحرير الكامل لتعز ، وانتهاء الحرب التي كان يفترض أن تنتهي منذ سنوات مضت .
لكن معركتكم تأخرت وطال إنتظارها وتبدد أمل المواطن التعزي بقياداته وفقد الشارع العام ثقته بكم جميعا دون إستثناء ، أيقن الجميع في تعز بأن المحافظة تعرضت للخيانة والخذلان الكبير من الداخل والخارج ، وفقد المواطن التعزي ثقته بقيادته العسكريين والسياسيين ، الذين خلقوا الصراعات الداخلية وعملوا على تعزيز الولاءات الضيقة وتقاسم مناطق النفوذ في المدينة ، بغرض تحقيق مكاسب سياسية أو بسط نفوذها على شارع جمال ، في الوقت الذي يتوجب على كل الأطراف أن ترص صفوفها وتحشد طاقتها وتوحد جهودها لمواجهة العدوا الأول للإنسانية والمدنية في محافظة توشك المدنية فيها أن تتلاشى وتصبح شيئ من الذكرى في شوارعها المخضبة بدماء الأبطال و المستضعفين .
أصبح المواطن في تعز يرى أن هذه الإنقسامات هي السبب الرئيسي والأبرز في تأخير معركة الحسم ورفع الضيم والحصار على تعز وأهلها ، لأن من يفترض به حماية تعز وتحريرها ، منشغل بمعارك ثانوية داخل أحياء وشوارع المدينة ، لان من يفترض به حماية تعز وتحريرها ، أصبح خطرا حقيقيا يهدد أرواح الأبرياء والمواطنين ، وتحول من مصدر أمن إلى خوف وقلق ؛ لان من يفترض به مساندة تعز ، تحول إلى بوق للشيطان ، يعمل ليل ونهار على تشويه صورة تعز و إذكاء وتغذية الصراعات الداخلية والشحناء والبغضاء بين أبناء الحالمة .
نعم تأخرت معركة الحسم لأن هناك من يعمل على تأجيج الصراعات الداخلية وتعزيز لغة التفرقة من خلال التراشقات الإعلامية والتعبئة الخاطئة والولاء الحزبي والطائفي والمناطقي بل والشخصي أيضا ، على حساب الولاء للقضية الجمعية التي تناضل من أجلها تعز لعقود مضت ، ثم إن تأخر المعركة وتقاعس القوى المختلفة تجاه قضية تعز ومعركتها الأخيرة ضد المليشيا الإنقلابية ادى بالكثير من الأفراد والجماعات الى التخلي عن الثوابت الوطنية والولاء للدولة لصالح مكاسب جهوية أو حسابات سياسية وعسكرية لأطراف وجهات خاصة ، وهو الأمر الذي ثارت ضده تعز (التبعية العسكرية و المناطقية) .
يا قيادات تعز ورجالها ، معارككم لا تهمنا وحساباتكم السياسية لا تعنينا ، وتهربكم من المسؤولية تجاه ما يحدث في المدينة ، وكل منكم يتهم الآخر بالعيوب والمشاكل ليست مشكلتنا ، إن ما يهمنا بدرجة أساسية توحيد قواتكم ورص صفوفكم وحشد امكانيتكم لتحرير تعز ورفع حصارها ، والتوقف عن الحماقات والأخطاء الجسيمة التي ترتكبونها بحق مدينتنا ، كفوا أسلحتكم عن صدور بعضكم لأن من يدفع الثمن هم شباب تعز ، تأكدوا إن ما تقومون به من معارك وهمية عسكرية او سياسية لا تعد سوى مهزلة وغباء و خذلان لرجال المقاومة الأبطال الذين خاضوا غمار المواجهة وضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن وفي سبيل أن تعيش النساء والأطفال بأمن وأمان في تعز ، وكذا خذلان لدماء الشهداء و أوجاع الجرحى ودموع اليتامى وأنين الثكالى ونحيب الأرامل وصراخ الجوعى والمشردين والمنكل بهم .
قد يقول قائل أن تاخر معركة الحسم بسبب قلة الدعم العسكري وشحة الإمكانيات وانعدام الإسناد الجوي وتقاعس الدولة تجاه تعز ؛ ولكن هذا ليس مبررا كافيا لهذا العبث الكارثي بمستقبل الملاين في تعز ، صحيح أن تعز محاصرة ومرتبات موظفيها لا تصرف مثل مرتبات باقي المحافظات ، و صحيح أن الدعم العسكري لتعز قليل مقارنة ببقية المحافظات ، و صحيح أنها لا تحضى بحضور فاعل للتحالف العربي ، لكنها تعز ذاتها التي طردت الحوثي من شوارع المدينة في وقت سابق ، هي ذاتها التي فجرت الثورة المسلحة ضد مليشيا الكهف وطهرت الأحياء والجبال بأسلحة الرجال الشخصية وتكاتفهم ، نعم حينما توحدت القوى وتكاتفت وسخرت كل الجهود والطاقات والتوجه الجمعي نحو هدف واحد وقضية واحدة ، تمكنت تعز من تحقيق الإنتصار ، و أصابت تحالف الحوثي صالح بنكسة تاريخية في الوقت الذي كان فيه هذا التحالف في أوج قوته .
بعيدا عن الحسابات السياسية لمختلف الأطراف ، تعز بحاجة إلى إنهاء الصراع بين مكوناتها ، وتوحيد راياتهم تحت علم الجمهورية ، تعز بحاجة إلى لم شمل أهلها ، وتكاتف سواعد الرجال بمختلف التوجهات والإنتمائات ، ورص الصفوف وتوجيه الأسلحة نحو مليشيا الحوثي في جبهات العزة والكرامة وما اكثرها في تعز ، قبل أن يتخلى الشعب عن الجميع ، ويعود لنقطة الصفر ويعلن مجددا عن إعادة تشيكل المقاومة الشعبية ، والتي ستجرف الجميع دون إستثناء وتحقق ما عجز عنه الفرقاء ، لاسيما بعد أن فقد الشعب ثقتة بالجميع ، وأدرك أن الصراعات والتحركات السياسية والحشود العسكرية والمظاهر المسلحة في شوارع وأحياء المدينة ، ماهي إلا خصومات شخصية بطابع جهوي ، يدفع ثمنها أبناء وشباب تعز .
يتبع ..